الأحلام حقيقية أيها الاصدقاء … الفشل في تحقيقها هو الشئ الوحيد الزائف.
توني كيد بامبيرا
من اجل بقائه لم يترك النظام وسيلة إلا واستخدمها : عسكرياًوصلت به الامور الى استخدام السلاح الكيميائي ضد اهل سوريا . ارتكب المجازر ودمر المساكن وطهّر عرقياً وخطف، وسجن ؛ويكاد يفقر الترسانة العسكريةالايرانية ؛ ولم يفده كل ذلك ؛ ولم يزده إلا اهتزازا. سياسياًبا ع ذاته للمافيا الروسية الحاكمة كي تحميه من قرار دولي يهز كيانه ، واستهلك بكل خبث وتلاعب ثلاثة مبعوثين دوليين أعطوه اكثر من عام ليتعافى،ويتلاعب في فضاء جنيف 2 الذي اخترعته له روسيا وسحبت أمريكا (الداعم المضمر له )الى تبني ضياع الوقت هذا ؛ فزاد ترنحه وانفضاحه وانكشافه . إعلاميا زوّر وحرض وجيّش وفتن وشوّه واشترى ابواقاً وذمماً ؛ ولم يفلح في وقف تدهور وضعه الانساني والاخلاقي . اقتصادياً واجتماعياً شرّد وجوّع وافقر وخرب الحياة السورية ؛ ولم يحقق انتصاره على شعبه كما وعد .فوق كل ما سبق ، لم يتردد بحرق ورقة يغطي بها عورته فيما سمّاه ” المقاومة والممانعة ” والمتمثلة بحزب الله الذي يتلظى به عندما يأتي الحديث عن المقاومة . حتى حرق هذه الورقة لم ينقذه ؛ بل أنهى شيئاً كان اسمه حزب الله ليبقى ، ولم يستفد.
والآن وبعد فشل النظام بكل ما جرّب ؛ (طبعاً ، باستثناء اعترافه بان هناك شعبا يريد الحرية ولا يريده ) لم يبق امامه إلا الورقة الوحيدة التي لا بد وأنها كانت تجول في رأسه منذ بداية الثورة السورية . لم تكن تلك الورقة الا اسرائيل، حيث كاد رامي مخلوف أن يكشفها منذ بداية الحراك السوري . مشكلة استخدام هذه الورقة تكمن بانها سلاح ذو حديّن ، فالضربة الاسرائيلية الاخيرة تجربة مرة بالنسبة للنظام . حال النظام إذن كحال مريض معلول يبقيه الدواء على قيد الحياة مؤقتا ، ويفكر بعملية جراحية قد تودي به فورا ولكن نجاحها محتمل؛ لكنه غير مضمون بالمطلق . وأخيرا ربما نراه يجدٌّ باتجاه أمر كهذا معتقداً أنه ما من وسيلة إلى بقاء محتمل إلا تلك الوسيلة ؛ وهنا يكتشف أنه لا بد من سحب اسرائيل سحباً للقيام بتلك المهمة القذرة والقاتلة . وهنا أيضاً لابد من تهيؤ الظروف لذلك .
هناك إشارات ودلالات تبدو كقطع مبعثرة للوحة عند جمعها يخرج المرء بصورة بانورامية قد تدله على جوهر الامور ومؤداها :
-
· هناك حديث مكثف حول مغادرة الكتيبة النمساوية التي تشكل القوام الأساسي لقوات الامم المتحدة في الجولان . وإن تركت ، فلن يكون هناك قوات دولية بين سوريا واسرائيل، ما يذكّر بسحب القوات الدولية من سيناءعام سبعة وستين . علينا التأكد من أي دور يقوم به النظام بهذا االخصوص.
-
· رغم ان القوات السورية على جبهة الجولان قد تم سحبها الى دمشق ومناطق سورية اخرى ، يخرج النظام بتصريحات إثر الضربة الأخيرة لسورية تقول إن ما فعلته اسرائيل يُعتَبَر خرقا لوقف اطلاق النار . وهكذا تصريح يُطلَق لأول مرة رغم أن الفعلة الاسرائيلية ليست الاولى . أوليس هذا سحبا لرجل اسرائيل ؛ كما يقول المثل ؟
-
· تصريحات النظام وتصريحات حسن نصرالله بفتح جبهة الجولان
-
· تحذير المسؤول الايراني حول الجبهة المفتوحة في الجولان
-
· خطاب نصرالله الحربجي الأخير .
= هل يمكن اعتبار هذه التصريحات غير استفزازات وتحديات من جهة تريد حرباً
-
· إعلان اسرائيل عن مناورات لا سابق لها
-
· طلب الاردن نشر صواريخ باتريوت على حدودها مع سوريا.
-
· واعلانها عن مناورات تشترك فيها ثمان عشرة دولة
-
· الحديث الاسرائيلي والعالمي الذي لا يتوقف عن الاسلحة الكيميائية في سوريا وضرورة إزالتها . ألا نلاحظ تكثيف استخدام النظام لهذا السلاح مؤخرا ؟!
-
· التصريحات الاسرائيلية حول الفلتان الأمني في سوريا والحديث عن الخشية من وصول الاسلحة المحرمة إلى أيدي الارهابيين وتهديده للأمن الإقليمي ، وعدم وجود من يردع هذا الخطر
-
· تصريح نتنياهو بأن اسرائيل أكثر الدول عرضة للصواريخ الارهابية
= ما معنى إطلاق صاروخ من جنوب لبنان باتجاه اسرائيل واعلان التعبئة إثر ذلك
-
· حالة العطالة والعجز المصطنع التي تعيشها كل من الجامعة العربية والامم المتحدة تجاه المأساة السورية المستعصية وتمني البعض نهاية المحنة حتى ولو كان ذلك بيد الشيطان، حيث ان العالم يرى بأم عينه ارتكاب جرائم حرب ومجازر وقتل بالسلاح الكيماوي؛ ولا يرف له جفن
-
· قرار موسكو عدم بيع سوريا نظام الصواريخ 300 خشية من استخدامه ضد الطائرات المدنية الاسرائيلية ؛ وذلك مقابل إحجام اسرائيل عن ضرب سوريا ، ثم تذبذب قرار البيع .
= أليس ذلك استشعاراً لشيء ما من قبل موسكو؟!
-
· جنيف 2 ؛ المؤتمر المستحيل الذي لا يعرف الجميع كيف يتخلّص من ظلاله الثقيلة
-
· المناقشات الأوربية العقيمة والبليدة لرفع حضر تسليح المعارضة السورية ثم إقراره وتاجيل تنفيذه
ان كان هناك دلالة لمجمل هذه الاشارات فهي التوجه نحو حرب لا بد واقعة ؛ حرب تشنها اسرائيل على سورية تأخذ أحد شكلين: الأول لا ينهي النظام ؛ والثاني يزيله . وفي كليهما ، سوريا الخاسر الأكبر .
يريد النظام من الورقة التي يغامر بها وينشد الاحتمال الأول، بحيث لا تضرب اسرائيل النظام في مقتل ، ويحدث الكثير من الجعجعة والصراخ والإعلانية والدعاية والتبجح وقليل من الدمار والتكسير وإزالة الشروش والمرتكزات الأساس للنظام . عندها سيرتفع صوت النظام بأعلى قوته صارخاً : ” لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ” والغاية الاساس من ذلك إخراس كل معارضة أو مقاومة للنظام الذي ( يواجه اسرائيل ويخوض معركة ضد غزوها ) .عندها لا يمكن لاحدأن يفتح فاه أو يحرك يده أو دماغه إلا مؤيدأ أو على الأقل صامتاً وبذُل ؟وهنا ينتهي جنيف 2؛ وتنتعش موسكو المحرَجة ؛وأوربا تنفك عقدة ترددها ؛ وامريكا تبدا بالتدخل لدى اسرائيل وتعنفها علها تكون أرحم؛ ويشجب العرب العدوان ويتعاطفون مع زميلهم ؛ وتغضب تركيا من اسرائيل وتطلب اعتذارا جديدا ؛ وتتفرعن ايران معتبرة الاعتداء عليها ؛ويصرخ نصرالله قائلاً : “ألم أقل لكم؟!” أما مجلس الامن فيسارع خلال ساعات إلى إصدار قرار بوقف إطلاق النار فوريا . أما النظام الذي يباطح ويتصدى للعدوان فيستلم رخصة البطش الجديدة وينظر من ارتفاع شاهق الى “الجراثيم” الشعبية ويرعد ويزبد ويتوعد الخونة المتآمرين ويبدأ بتدفيعهم ثمن مئآت الآلاف التي قضت او جُرحت أو تشردت أو تيتمت أو ترملت. وتكون ااجائزة المأمولة فوق كل ذلك نصف قرن جديد من الحكم المطلق الخالي من وجع الرأس او الانزعاج ، وتحديدا بالنسبة لاسرائيل.
=إذا وقع الخيار على التوجه الآخر ، وهو الأرجح ؛ لانه لم يعد هناك أمل في هذا النظام لا لاسرائيل ولا لغيرها، فتكون الضربة الاسرائيلية صاعقة زمنيا وساحقة ماحقة تأخذ بطريقها نقاط ارتكاز النظام من شروشه الى شوشته . وهنا تقع أرضا كل تلك المؤسسات العسكرية والامنية والادارية والاقتصادية التي ربطها النظام بذاته عضويا ، ويتعمق الانهيار الاجتماعي والنفسي والأخلاقي ، وينتهي وجنيف 2 ، ويخلص الجميع اقليميا ودوليا من الإحراجات ، وتتقاطر شحنات الشفقة والانتداب .
تتلقى اسرائيل كمية لابأس بها من اللوم والشجب والإدانة . والأخطر من كل ذلك تُلصق بالسوريين دمغة إهانة موجعة للاعماق بان اسرائيل هي من خلّصهم من نظام ظلمهم وقمعهم وثاروا ضده. وتكون قد حمّلت كل من عناه الشأن السوري جميلا بتخليصهم من نظام قتل شعبه وهدد المنطقة. اما ايران فتتصالح علنا ً مع اسرائيل وتتعاونان علناً في تتطوير الأسلحة النووية لردع المنطقة العربية المتخلفة.
== “سيناريوهان” مرعبان، كالاختيار بين الموت شنقا أورميا بالرصاص بالنسبة لأهل سوريا . انها رؤية سوداوية ، ولكن الواقع قاتم الى هذه الدرجة .
الشيء الوحيد الذي يمكن ان ينجي اهل سوريا من هذه السيناريوهات المحتملة التي قد يقع احدها بناء على تفكير مريض متعنت اجرامي أطلق شعار ” الأسد أو حرق البلد ” هو أن اسرائيل ترى سوريا تحرق ذاتها بذاتها دون أن تلوّث هي أيديها بذلك. وهنا المأساة الكبرى التي صنعها هذا النظام. ما يعزّي هو أنه رغم الاستفزازات والتمنيات المريضة والترويج الذي يصل إلى حد دنيء ورغم العقيدة الحربية الايديولوجية ، إلا أن اسرائيل تسيطر على لعابها وتؤجل وتمرحل اهدافها ؛ فهي لن تدخل حرباً لا تحقق منها أكثر مما يتحقق دون تدخلها . وإن كانت لتتدخل لصالح نظام أراحها لعقود، لكانت تدخلت خلال عامين. بالمناسبة اسرائيل لم تمنع نفسها تماما من التدخل أحيانا للمساهمة في الانهيار المطلوب و ليس من صالح اسرائيل أن تفتح أي باب عليها ولا أن تغضب المجتمع الدولي وخاصة روسيا التي ساهمت مساهمة جبارة باستمرار سعير النار السورية كل هذا الوقت.
كم أتمنى أن أكون قد قرات بالمؤشرات والنوايا أكثر مما هوقائم فعلا . وكم اتمنى أن اكون مخطئاً في تحليلاتي . المشكلة ، إن كنت مصيبا او حتى قريبا من الصواب . ومن هنا على هذا النظام أن يوقف أمنيته المريضة القاتلة هذه وأن يدرك أن هكذا تفكير سيسرع بالزوال . علّه ولو مرة واحدة يأخذ قرارا سليما ويسرع بقبول وقف القتل والرحيل كي يريح أهل سوريا ويتركهم يلملمون جراحاتهم وأنين بلدهم .
على المعارضة التي تتكلم باسم سوريا أن تأخذ هذه المسألة بغاية الجدية وان توصل رسائل للعالم بأن تبقى اسرائيل ملجومة