نعوة عمر عزيز وهو حي يرزق
النعوة تكتب عادة بعد الوفاة , الا أن وضع السجون السورية يرغم على تغيير الكثير من العادات , نزلاء هذه السجون يخضعون في الكثير من الحالات الى القاعدة التي تقول , الداخل مفقود والخارج مولود.
الأخذ بقاعدة الداخل والخارج , يسمح عمليا بكتابة النعوة عند التقاط الضحية من بيته وجرجرته الى الأقبية , والكاتب عباس بيضون أخذ بهذه القاعدة , وكتب نعوة مؤثرة , لقد طالب الشاعر بيضون بالحاح مريب القراء بتذكر عمر عزيز في مقالة له اواخر عام 2012 , ومن اسلوب عباس بيضون يمكن للقارئ أن يشعر بأن عمر عزيز أصبح في عداد الموتى , وبالواقع قتل عمر عزيز يوم أمس في مواخير سجن عدرا , بعد أن تعرض الى التعذيب المريع في سجون المخابرات .
لاتقدم قصة اغتيال عمر عزيز ووفاته في سجن عدرا أي جديد على التراث السوري , انه عمل روتيني بالنسبة للمخابرات وبالنسبة لجمهورية الخوف , وكل يوم تقوم هذه الأجهزة بتصفية العديد من الشوائب البشرية (على حد تعبير الرئيس بشار الأسد) , عمر عزيز وغيره هم “فائض” بشري يجب التخلص منه , وقد تخلصوا منه بكل انشراح , اذ لانلاحظ على وجه فخامة رئيس هذه الجملوكية أي معالم تدل على أسفه أو خجله مما يحدث في هذه البلاد على أيدي شبيحته , شيخ الشبيحة مرتاح وفخور بانتصاره على حياة السجين عمر عزيز , لأن شيخ الشبيحة هو سوريا (سوريا الأسد) ومن يعارض شيخ الشبيحة يعارض سوريا , وهذا يعني على أن المعارض خائن , ومصير الخائن معروف …هكذا بكل بساطة ووضوح !,
لا أعرف ان كان الشاعر عباس بيضون قد كتب نعوة عبد العزيز الخير , أو لم يكتبها بعد , فبيضون هو أبلغ من كتب نعوة , ارجوه ان يكتب نعوة الخير ورفاقه , قبل أن يتسلم الأهل جثثهم , ذلك عملا بالقاعدة : الداخل مفقود والخارج مولود , وهناك ضرورة لكتابة حوالي 160000 نعوة , ومايخص هذا الفائض البشري , فيقال على أن الشبيحة تقوم بتفريغ السجون من أجل استقبال زبائن جدد , والتفريغ يتم عن طريق القاء النزلاء الحاليين في البحار وذلك بعد وضعهم بصناديق محكمة , لكي لاتعتدي الأسماك على جثثهم …لا غريب ولا عجيب في مزرعة الأٍسد