مسيرة التوحش الى الوراء
في خطابه الأخير تكلم الأسد عن غيره , متهما الغير بالتوحش,ولا يمكن لأحد أن ينفي صيغة التوحش عن التداول السوري, وفي مقدمة خطابه تباكى السيد الرئيس وذرف الدمع سخيا على من فقد بسمة الطفولة وعلى من ترمل ..”قتلوا المدنيين والأبرياء ليقتلوا النور والضياء في بلدنا ” اغتالوا الكفاءات والعقول ليعمموا جهلهم عل عقولنا ..الخ , ولنا في هذه اللحظة سؤال الى سيادة الرئيس عن قاتل العقول والكفاءات , هل هي الأسدية التي قتلت ؟ ام ان الرعاع هو من قتل , , وفي كلا الحالتين نرى على أن أصابع الاتهام تتوجه الى حضرته , فقتل العقول كان على مدى نصف قرن من الزمن على يد ه ويد زبانيته , لقد امتلأت السجون بسجناء الرأي ..عشرات الألوف , ومن دخل السجن فهو عمليا مفقود , ومن خرج بعد سنوات قد تصل الى ثلاثين عاما هو مولود , فيا بشار الأسد , اتقي الله ولا تكذب بهذا الشكل المفضوح , عيب على رئيس دولة من ثلاثة وعشرين مليون انسان أن يسقط بهذا الشكل المريع في مطب الانحطاط .
خطاب السيد الرئيس لايخلو الا من كلمة الصدق , فهو يبكي على الأيتام والأرامل , ويشكو من فقدان البسمة من وجوه الأطفال , ولماذا كل هذا ياترى ؟؟ وهل ثار الشعب على الشفافية والحرية والديموقرلااتطية والعدالة الاجتماعية ؟ أو ان الشعب ثار على الفساد والاستبداد والديكتاتورية ؟ الا يحق لشعب أن يثور على انحطاط في كل جوانب الحياة السورية , وماذا يفعل الشعب بعد صبر دام عشرات السنين ؟ وهو الشعب الذي يقول عنه الأسد على أنه من أعظم الشعوب , فأعظم الشعوب لاتقبل العيش في الاستبداد والقمع والارهاب , أعظم الشعوب لاتقبل الديكتاتورية , والرئيس اعترف بأنه ديكتاتور , والغير يقول على أنه أقذر ديكتاتور عرفته البشرية , وقد يكون في هذه المقولة شيئ من المبالغة , انه ديكتاتور , ولكن ليس بتلك القذارة , فالأخ معمر كان أقذر .
الشعب ثار واستمل البندقية , بعد ان حصدت شبيحة الديكتاتور ارواح المتظاهرين بالعشرات , وبعد أن فشل الرئيس في اعطاء ترخيص واحد لمظاهرة معارضة , فالتظاهر مسموح حسب دستور الأسد , ولكنه ممنوع أيضا حسب دستور الأسد ,انه وضع غريب وعجيب !
الثورة المسلحة تعني التداول المسلح , تعني القتل وتعني الترمل واليتم وتعني التخريب وتعني الاجحاف بحق الأبرياء ..كل ذلك انتاج طبيعي لحالة الحرب , ولا يمكن لأي قانون أن يعاقب جندي أطلق النار على خصمه بناء على أمر قائده وأمر قائد قائده , وهو أخيرا الأسد السوري , أي ان الأسد يأمر بالقتل والتخريب والاغتيال ..انه يخوض حربا ضد خصومه .
الحرب بحد ذاتها جريمة , ولكن المجرم الأكبر والسؤول عن كل قيل أو جريح أو نازح أو لاجئ , فهي الجهة المسببة لهذه الحرب , وهذه الجهوة هي الرئاسة السورية ,ذلك لأن الرئاسة السورية اغتصبت كل شيئ , ولم تلتزم بالأخلاق والقانون , وبلغت حدا لايطاق من الفساد والافساد , وهل يمكن للشعب “العظيم” أن يتقبل ذلك , ثم ان الشعب “العظيم” لايرض عن الضيم ولا يصدق الكذب الذي مارسته الأسدية ابننا وأبا ولنصف قرن من الزمن .
لقد فكرت في موضوع التوحش , وسألت نفسي من أين أتى ذلك ؟ أخشى أن يؤلم الجواب مشاعر الرئيس الرقيقة , فالأسدية بتوحشها علمت البشر التوحش , وهي لاتزال تمارس التوحش بشكله الاسطوري , ومن يشك بذلك عليه برؤية الأشرطة المرفقة ..المعلم علم ومن تعلم منه توحش ..انتنا في حظيرة وحوش في الغابة وملكنا الأسد راكب الدبابة !
لايجوز لبشار الأسد اتهام احد بالوحشية , وهو بنفس الوقت ملك الوحوش وراكب دبابة أيضا , التوحش الآن موجود في سوريا بشكل واضح , الا اني اوافق تيسير على أن المدرسة هي مدرسة الأسد حيث تعلم الناس العنف والوحشية الى جانب الانانية والفساد والسرقة , وهذه الخصائص لم تسقط من القمر , ثم ان معظم الشعب السوري مولود بعد 1963 , ومعظمهم لايعرف الا الحضارة الأسدية , التي تتمثل بالعنف وعدم الاكتراث بالعدالة الاجتماعية واحتقار القانون , وحتى نعود الى نوع من التوازن الأخلاقي والمسلكي يلزمنا مئة سنة على الأقل , وقد يستغرق تعلم احترام القانون فترة أطول , على أي حال لابديل لرحيل الأسد ولا بديل لانهاء وبتر كل ماهو اسدي ولابد من حضارة جديدة , كما انه لابد من الصبر المتناهي فاصلاح ماأفسده الأسد لايمكن أن يتم بين ليلة وضحاها