الاصابة بمرض عصاب العداء وبائي في سوريا , الكره والعداء والنفور من الآخر , هو الذي يحدد الموقف تجاه الآخر, وهو الذي يحد من قدرة العقل على التفكير والتحليل ,ضعف العقل يؤهله للاصابة بهذا العصاب , ولم اكن أظن على أن نبيل فياض ضعيف العقل , الا ان ماينتجه عقله في الفترة الأخيرة يدل على اضطراب عصابي , فنبيل فياض مدمن على كره كل ماهو ديني , وبعض مواقفه ومشاعره ليست غريبة عني شخصيا , فلا يوجد في الدين الذي تمتطيه آفة الطائفية ماهو شديد الجاذبية , من ناحية أخرى يمكن للكره والرفض العصابي أن يكون هداما وتخريبيا حتى أكثر من الطائفية المذهبية , فالبنية التحتية للطائفية المذهبية شبيهة بالبنية التحتية للماصابين بعصاب الكره والعداء , في الحالتين يستقيل العقل وفي الحالتين تسيطر الدوغماتيبكية على الفكر , الدوغماتيكية التي بها تتميز الطائفية وبها يتميز مرض عصاب الكره وعصاب الحب أيضا ثم الديكتاتورية , أي ان المصاب بعصاب الكره هو ببنيته النفسية ديكتاتوري لأنه دوغماتيكي .
للأسف وصل عقل نبيل فياض الى هذه الدرجة من التنحي عن الواقعية والاستقالة من العمل , فعدائه العصابي لكل ماهو ديني أو قعه في مطب عصاب تقبل الأسد , على أساس أن الأسد علماني (بفتح العين) , وعلمانية الأسد هي من اختراع نبيل فياض , واختراع هذه العلمانية الافتراضية المحببة هو معاوضة عصابية للكره ,فالكره رديف للحب باتجاه آخر , المبالغة في الكره تترافق مع مبالغة في الحب , وهكذا وقع نبيل فياض في الحب الأسدي وأصبح من المنحبكجية ….
في مقال تحت عنوام عددية أم عدائية ..هل ضاعت سوريا ؟ , يعيد نبيل فياض الى الذاكرة قصة جرمانا ويلقي مسؤولية المجازر هناك على فئة مصابة بعصاب الكره أيضا وهي جبهة النصرة, يقين فياض المطلق ولد من رحم كرهه لجبهة النصرة , التي لايمكن لانسان واع ان يؤيدها , وتحول فياض الى منحبكجي لايدل على أن نبيل فياض مشمئز من الاجرام , وانما معارض ومشمئز من جبهة النصرة , فالأسدية ليست أقل اجراما من جبهة النصرة , وقصة جرمانا ليست بذلك الوضوح الذي يسمح بالقول على ان مرتكبها هي جبهة النصرة , والأرجح ان تكون كتائب الأسد هي التي ارتكبتها , وعلى كل حال لايغير من ارتكب هذه المجزرة الطبيعة الاجرامية لكل من جبهة النصرة وكتائب الأسد , فكلاهما مبدع في الاجرام , ومجزرة أقل أو مجزرة أكثر لاتغير من حالة جبهة النصرة أو كتائب الأسد , وقد كان على نبيل فياض الاعتناء بوضع الجريمة ككل , وكان عليه عدم توظيف مأساة انساية في خدمة التحزبات , كان عليه أيضا أن يعرف , على ان جبهة النصرة ولدت من الرحم الأسدي ,ولولا الفساد الأسدي , لما كان هناك وجود لجبهة النصرة وغيرها , اضافة الى أن مسؤولية حماية الانسان السوري تقع على عاتق السلطة , التي فشلت في ممارسة واجبها في الحماية , وفشلت في المقدرة على الاستقالة والتنحي , ثم ان فشلها الأكبر كان في انغماسها في ممارسة الاجرام والمجازر , بحيث من الصعب رؤية أي فرق جوهري بين جبهة النصرة وجبهة الأسد .
نبيل فياض يسأل:” لنفترض أن الصراع انتهى اليوم: هل يمكننا أن نعود للعيش مع العربينيين وأهل دوما وريف إدلب وحلب ومحافظة درعا ودير الزور …؟,ا وما الذي يجمع بين بنت القصاع الكاثوليكية المنفتحة ذات التفكير العصري، وبنت عين ترما السنية الوهابية التكفيرية، التي لم تخرج قط من العصور الوسطى؟ما الذي يجمع ابن السليمانية السرياني المتحضّر، بابن عندان الذي يعيش على السرقة والقتل؟ما الذي يربط محردة بحلفايا؟ ما هي القواسم المشتركة بين السلمية الإسماعيلية ومورك الطالبانية؟ ما الذي يجمع بين الصقيلبية وقلعة المضيق؟ بل هل يمكن الحديث عن رابط بين درعا والسويداء غير تلك الهوية التعيسة؟”.والجواب , نعم ,هناك قواسم مشتركة كثيرة بين الفئات التي ذكرها نبيل فياض , والدلالة على وجود هذه القواسم المشتركة هو تاريخ هذه الفئات مع بعضها البعض شاقوليا , والتباين في تطور تلك الفئات لايلغي القواسم المشتركة , وانما يبرهن عن طبيعية هذا المجتمع , الذي لايمكن أن يكون متجانسا كتجانس ابناء السليمانية أو بنات القصاع , وهل يوجد مجتمع في العالم يستطيع تحقيق التجانس الذي يراه نبيل فياض ضروري للعيش المشترك في دولة ؟.
لقد تغاضى نبيل فياض عن نقطة مهمة ولم يسأل عن التباين بين المجتمع ككل وبين السلطة, التي اغتصبت الجميع من ابن السليمانية الى بنت القصاع والى بنت عين ترما , السلطة بعدم ارادتها ومقدرتها على تمثيل الجميع هي التي خلقت التنافر التاريخي الأفقي بين فئات المجتمع , سلطة تمثل حيزا من المجتمع استبدت وظلمت حيزا آخر , وبذلك خلقت مشكلة بين هذا الحيز وذاك .
نعم يمكن العيش المشترك , والذي لابديل له ,ووجودة سلطة تشرذم وتقسم ليس قدر هذا المجتمع , السلطة وجدت لتذهب , الا أن بنات عين ترمى لم يوجدوا ليذهبوا , وأبناء كفر نبل لم يوجدوا ليذهبوا , انهم هنا باقون , وعلى السلطة التي شرذمتهم وظلمتهم وخلقت النفور والعداء المرحلي بينهم ان تذهب , هكذا تفعل كل سلطة في العالم ..تذهب عندما تفشل في توحيد المجتمع , والحرب الأهلية هي البرهان عن انقسام المجتمع , وماذا تفعل الأسدية لحد الآن في هذه البلاد ؟ تحارب وتنهب وتريد الانتصار , على من ؟ وبأي كلفة , ولماذا انتصار الأسدية جيد لسوريا ؟ هل ينقص سوريا معتقلين وهل ينقصها سجون وهل ينقصها استبداد وفساد وفئوية وطائفية ؟؟ واذا كان ذلك هو ماينقص سوريا , فعلينا بالأسد والى الأبد .
لايتورع نبيل فياض عن ممارسة المغالطات التاريخية حيث يدعي على ” أن الحقد الطبقي، خاصة الحقد الريفي على المدينة والمدنية، هو أحد تجليات هذه الثورة الحقيرة”, اليس تسطح في الفكر عندما يربط فياض الحقد الريفي على المدينة بالثورة السورية , الحقد ترعرع في ظل سياسة اقتصادية واجتماعية تمتد جذورها الى أيام الاصلاح الزراعي , استئثار الريف بالجيش هو سبب من أهم الأسباب , ثم احتكار كل الوظائف تقريبا من قبل مذهبية ريفية معينة هو مسبب آخر للحقد , والثورة اندلعت في الريف السني بسبب الفقر والاهمال وعنصرية السلطة وطائفيتها واهمالها لايجاد فرص عمل للمزارعين من الجزيرة بعد موجة الجفاف , الساطة أهملت , ومن تضرر منها لايريدها وهذا حقه المشروع , والسلطة التي تقتل من لايريدها ليت جديرة بأن تحكم دولة , انها عصابة , واذا حكمت يجب القول على أن الدولة أصبحت دولة عصابات , وهذا هو تعريف دولتنا اليوم .
ثم يتشفى نبيل فياض , وهنا بلغت وقاحته أوجهها , حيث يقول:” الثورة تكاد تنحصر في الريف المتخلف الذي يعيش ما قبل عصر الظلمات: وهل ثمة منطقة أسوأ سمعة حضارياً من غوطة دمشق؟ ” ومن هو المسؤول عن عصر الظلمات في سوريا في القرن الحادي والعشرين ؟ ولماذا سمعة غوطة دمشق بذلك السوء … الا توجد مدارس في الغوطة ؟؟ والأرجح انه لاتوجد مدارس في الغوطة , لذلك فان الغوطة متأخرة , ومن عليه بناء المدارس ؟ وهل بقي من المال السوري شيئا للمدارس ؟ المال السوري في جيوب العائلة التي تملك مع حاشيتها أكثر من 150 مليار دولار , المال السوري انفق على العسكر الذي استهلك أكثر من 60% من الميزانية العامة ولعشرات السنين , المال آل الى جيوب الضياط , والمفجع هو ان 80% من عتاد الجيش لايصلح الا للحرب الأهلية , وليس للمقاومة والممانعة وتحرير الجولان وفلسطين .
كفانا عنصرية يانبيل فياض , فأهل الغوطة ليسوا أقل ذكاء منك ومن الأسد ومني , وانعدام تحضرهم (ان صح ذلك) هو دليل على فساد حكم مستمر منذ نصف قرن والى الآن , ولا أظن شخصيا على أن أهل الغوطة معدومي الحضارة , فياض يرى ذلك بهم لأنهم من المعارضة بأكثريتهم ..
ثم يأتي نبيل فياض الى محاولة دمغ الثورة السورية بالخاتم الأصولي التخريبي , ويطرح أسئلة بلهاء ..”هل هؤلاء الذين يدمرون كل البنى التحتية في سوريا يريدون بالفعل بناء دولة الحق والقانون؟ ما علاقة حرق محطات توليد الكهرباء بالديمقراطية؟ ما علاقة تدمير الجسور بالاستبداد؟ ما علاقة تدمير الطائرات بالحرية؟”وينسى نبيل فياض على أن بناء دولة الحق والقانون لم تكن لحد الآن من مهام هؤلاء “الرعاع” وانما من مهام السلطة , واذا كانت هذه الدولة ضرورية , فما الذي اعاق العائلة طوال نصف قرن من الزمن عن بناء دولة الحق والقانون ؟ وسلطة العائلة مطلقة منذ وجدت , وهذه السلطة بنت دولة الفساد واللاقانون .
والآن يطلب الشعب أو جزء منه منها أن ترحل , ولا تريد ذلك , اندلعت بسبب ذلك حرب أهلية حارب الشعب بها بالبندقية (أول الأمر ببندقية الصيد ) , والسلطة بكل مالديها من اسلحة من صواريخ الى طائرات ومروحيات وقتابل وبراميل وسموم وجراثيم وكيماويات وشبيحة وأعوان من الخارج ..حزب الله .. الروس .. ايران .. والعراق , هدم الطيران الأحياء والمدن بالاشتراك مع المدفعية والدبابات , وكيف يمكن لثائر تدمير البنية التحتية ببندقيته , لا شك على أن الثوار يتحملون جزءا من المسؤولية عن التخريب , الا أن الجزء الأكبر بكثير يقع على عالتق السلطة وطيرانها ومدفعيتها ودباباتها , والسؤال هل من يريد الاصلاح يهدم البيوت على رؤوس ساكنيها , السلطة لاتريد الاصلاح ولا تقتدر عليه , ولو كانت تريده لما فسدت وأفسدت , الفاسد لايصلح ومن الصعب أن ينصلح . .
وأخيرا يأتي المصلح نبيل فياض الى الحل , وهنا يبدع العصابي ويسأل بصيغة التأكيد :”هل الحل في عزلهم في منطقة بعينها، يصفون بعضهم بعضاً كما يحصل في يبرود، ويستقل باقي المدنيين من الشعب السوري في منطقة أخرى، مع الالتزام بمنطقة عازلة تمنع عنا الطاعون السلفي الوهابي؟” الحل هو الكانتونات والمستوطنات! , حيث يتم الفرز بين المدني والوهابي , والآن علينا الاجابة على السؤال المتواضع , في أي كانتون سيستقر فياض مع الأسدية ؟؟؟قد تراوده فكرة الاستقرار مع الأسدية في الكانتون المدني ..معاذ الله