يختلف وقع بعض المشاهد على الانسان, فكم من صورة أو مشهد يترك في النفس جرحا وألما كبيرا , في حين لايعير آخر هذا المشهد أي اهتمام , هناك مشاهد تسبب الحزن عند البعض والفرح عند الآخر , والبشر أنواع .
ماشاهدته قبل أيام أحزنني ,وماشاهدته وشاهده ملاين البشر كان عبارة عن طائرة حربية (مروحية) , وقد جلس فيها على الأقل جنديان وبجانبهم كانت هناك براميل أو اسطوانات مختلفة الأحجاج , والاسطوانات كانت مصنعة بشكل بدائي , وهذا ماتدل عليه طريقة سد فتحة الاسطوانة , تصنيع الاسطوانة أو البرميل وتحويلهم الى قنابل كان محلي بدون أي شك , أحد الجنود كان يدخن سيجارة والآخر منهمك باستعمال الجوال ..للتصوير !
هناك باب للمرويحية , والجنود جلسوا مقابل هذا الباب ,, والجماعة كانوا على مايبدوا منطربون , وفي لحظة من اللحظات , أخذ أحد الجنود الاٍسطوانة وأشعل فتيلها بسيجارته , ثم رماها من باب الطائرة التي كانت تجوب أجواء مدينة , والبسمة على شفتيه اللتان احتضتنا “قزع” السيجارة التي اشعلت فتيل الاسطوانة التفجيرية .
هناك كلمة “عشوائي” , وقد وصف البعض طريقة قصف الأحياء والمدن السورية من قبل كتائب الأسد بأنه عشوائي , , وما قام به الجندي هو حسب احساسي العشوائية بعينها , لم يكلف العسكري نفسه أي جهد للتعرف على مكان سقوط اسطوانه المتفجرات , ولم يظهر عليه أي تأثر من خلال عمله هذا , والتصوير أثبت على ان المروحية كانت فوق منطقة سكنية , ويمكن أن تكون النتيجة مقتل عشرات لا بل مئات المواطنين , لقد سارت عملية اسقاط الاسطوانة بنوع مرعب من الانسيابية , ألقوها على رؤوس البشر دون الاهتمام بمن سينعم بهذه الهدية من السماء.
لا أستطيع اطلاقا تحليل الوضع أو فهمه أو تفهمه عن طريق وضع نفسي مكان قاذف الاسطوانات أو مكان رئيسه أو رئيس رئيسه , أو الرئيس الأعلى , ذلك لأن من يفعل مافعله الجندي المتحيون هو نوع متوحش من المخلوقات , والجندي . كما أظن , ليس أكبر الحيوانات وليس قمة التوحش ,فقمة التوحش تحتلها قمة الوحوش , من يقتل الناس عشوائيا كما يحدث في سوريا الأسد يوميا هو الوحش بعينه.
لا أعرف ان كانت الاسطوانة قد قتلت أو جرحت أو انفجرت في الهواء وهي بطريقها الى الأرض , لم أر ماسببته هذه الاسطوانة من أضرار , وتخيل الأعظم من الأضرار ممكن , الا أني رأيت ولعدة دقائق ضحية من نوع آخر , رأيت الجندي الذي أشعل الفتيل وودع الاسطوانة راجيا لها النجاح في مهمتها الحيوانية ..مزيد من القتل ومزيد من التخريب من قبل وحش من صناعة محلية ..فسوريا الأسد أصبحت مهد الحيونة وأكبر مصنع لصناعة الوحوش .
قد يظن البعض على أني مصاب” بلوثة” السلمية السلبية , وقد يظن البعض على اني فقت الصلة للواقعية , التي لاتعرف أكثر من الحروب , ومنذ أن وجد المخلوق الانساني , الا أن مايمكن تسمبيته “حضارة ” الحرب أو “تراث ” الحروب تغير جدا في كيانات الحكم الحالية في العالم ان كان ملكي أو جمهوري , وفي الحالتين ان كان ديموقراطي أو ديكتاتوري , لقد أصبح من غير المعقول أو الممكن أن يقصف ديكتاتور الشعب بالقنابل ان كانت عنقودية أو عير عنقودية , ولحن حظ البشر يتسارع انقراض الديكتاتوريات الجمهورية, وفي منطقتنا الشرق أوسطية انقرض في السنة الماضية على الأقل ثلاثة أو أربعة منهم , وهذه السنة ستشهد انقراض البعض أيضا .
حقيقة لايعرف العالم شبيها للديكتاتورية السورية , لا من ناحية اجرامها , ولا من ناحية فسادها أو طائفيتها أو تأليهها للفرد في القرن العشرين والحادي والعشرين , لاتوجد ديكتاتورية شعارها الأسد أو لا أحد ..الأسد او نحرق البلد , فجور لامثيل له , حتى في كوريا الشمالية لايقال كلام مشابه , حتى وان كانت الممارسات مشابهة التوريث مثلا , انها سوريا الأسد التي تحتل الآن القمة , الا أنها قمة الانحطاط