بعض مشاريع النظام ..دول ومملكات جديدة
تتحدث السلطة عن احترامها للمعارضة ,بشرط ان تكون هذه وطنية , وهل توجد معارضة غير وطنية ؟ومن ينظر الى الديموقراطيات العريقة لايجد معارضة غير وطنية , ولا يجد سلطة غير وطنية , الا أن بلادنا أمر آخر , ففي سوريا الأسد توجد سلطة أسدية وطنية ,وكل ماهو غير أسدي ومعارض لايمكن أن يكون وطني , لأن الأسد هو الوطن في سوريا الأسد .
السلطة تعتبر المعارضة وفكرة المعارضة تافهة , وحتى عام 2011 لم تكن هناك معارضة قطعا , وأين هي المعارضة ؟ عندما يظهر الاستفتاء ! تأييدا للأسد الأب والأسد الابن يتراوح بين 99% الى 100% ,الا أن السلطة الأسدية ديناميكية وتريد التأقلم مع العصر, والمعارضة التي تناسب السلطة هي اما معارضة بدون جمهور ومشروع , أي ان ما يسمى معارض هو أصلا مؤيد , ولنا في خالد العبود خير مثال وكذلك بشريف شحادة , حيث يدعي كل منهما على أنه معارض “بناء”, اما المعارضة الأخرى صاحبة المشاريع والجماهير فلها طريقة أخرى للتعامل معها ..تقليديا ..تشويه السمعة … السجن ..الملاحقة ..وفنون السلطة معروفة في هذا المجال , ولأن الحزب السوري القومي صاحب مشروع وله جماهير جرت عدة محاولات للقضاء عليه , وهذه المحاولات التي بدأت بتلفيقة مقتل المالكي تستمر الى هذه اللحظة عن طريق تشجيع الانشقاقات في الحزب وتمويلها بشكل من الأشكال , والأمر لايختلف بالنسبة لبقية التيارات , وقد يتطور الأمر الى شن الحروب وتدمير المدن من أجل خنق تيار استعصى على وسائل الابادة الأخرى , المادة 49 من قانون العقوبات السوري أجازت شنق من ينتمي الى الاخوان المسلمين , حتى ولو أنه لم يقم بجريمة أو جنحة .
السلطة تقول انه لاتوجد معارضة ترضيها وتناسبها , لانه ليس لهذه المعارضة “مشروع” , وفي هذا الأمر الكثير من الجهل والتجاهل , مشروع المعارضة المتفق عليه بين محتلف أطيافها العسكرية والسياسية والمدنية ..الخ هو اسقاط النظام ورأس النظام , وهذا المشروع كاف ووافي , ولم يكن لكاسترو في ثورته قبل حوالي ستين عاما الا هدف اسقاط باتيستا , ولم يكن للثورة الفرنسية من مشروع أول الأمر الا اسقاط الملك لويس الرابع عشر , ولم يكن لماو مشروع الا اسقاط السلطة المتمثلة بشان كاي شيك ,والثورة الروسية لم تهدف مبدئيا الا الى اسقاط القيصر, ولا يمكن أن يكون لمعارضة لم تستلم السلطة بعد أي مشروع تفصيلي واقعي , المشروع الأكثر تفصيلا يأتي في سياق انتخابات حرة , والذي ينال الثقة يقدم مشروعة التفصيلي النهائي , وعجبا من السلطة التي تسأل عن المشروع , هل للسلطة مشروع ؟ واذا كان هناك مشروع لها , فقد بينت التطورات التي دمرت البلد , على أن هذا المشروع بمنتهى الفشل وأقصى التخريبية والتدمير , وفي بلاد تحترم السلطة بها الشعب ومصالحة , ليس للسلطة الا أن تستقيل وترحل ,الا في سوريا فالى الأبد مع الأسد .
السلطة ستحاول خلق معارضة “وجاهة” ووضع هذه المعارضة في الواجهة , هادفة عن طريق هذه الواجهة استقطاب العديد من أفراد الشعب الصامت , وليس من الضروري هنا تلبية رغبات الشعب المؤيد للواجهة , وانما تأمين حاجات الواجهة عن طرق الاغراء بالامتيازات , لقد قيل عن مناف طلاس ..لعنه الله .. على أنه بصق في الصحن الذي أكل منه , وقيل عن المطربة أصالة ..لعنها الله , انها تبصق في الصحن الذي أكلت منه , ألم يحسن الرئيس معاملتها ؟ وألم يحسن عليها من بيت مال سوريا الأسد , وذلك الجربوع علي فرزت ألم يحسن الرئيس عليه ..لعنه الله هو وجريدته الدومرية , أما الفنان جمال سليمان فمن أين له السيارة , انها هبة من الرئيس , وعن منى سكاف فحدث ولا حرج ..ناكرة الجميل !ّ ألم يحسن الرئيس عليها ؟, وقطيع الشحادين الذين اقتاتوا من حسنات وهبات الرئيس أطول من يعد ويحصى , ومعظمهم قلب له ظهر المجن ..لعنهم الله جميعا , لايعترفون بالجميل !!! , ولكن من أين للرئيس أن يقدم كل ذلك الهبات والرشوات والحسنات , هل كان من ماله الخاص ومن ميليارداته وايراداته , او من مال الدولة ومال الشعب ؟ وبهذه المناسبة أحب معرفة مصادر ملياردات الرئيس حسب قانون “من أين لك هذا” من عام 1973, واجب المواطن الأول أن يكون قدوة , فلتكن قدوة يا سيادة الرئيس !
مسيرة القضاء على حزب البعث تسير , وعين الله ترعاها , تسير دون الكثير من العثرات والعقبات , والقضاء على حزب البعث هو ضرورة سلطوية أسدية ملحة , وتبرير القضاء عليه سيكون تردي الأوضاع تحت سلطته! , وحزب البعث من السلطة براء , الأسود هم السلطة المطلقة , ولا ضيم أن يدفع حزب البعث بوجوده فاتورة الأسود , حيث يمكن للأسود بعد القضاء المبرم على البعث انشاء حزب جديد بين ليلة وضحاها , المال موجود والأزلام موجودين ,والأسود أيضا , يمتطون سرج الحمار الجديد حتى يعطيكم عمره كما أعطاكم البعث عمره , وبعدهذا الحمار يأتي آخر, وبالنتيجة ..الأسد الى ألابد !!
هناك طريقة للقضاء على البعث , والطريقة الملعونة تتضمن هجوم النظام على العروبة , الحاضن النظري للبعث , العروبة ناكرة الجميل , الجامعة العبرية ..قلب العروبة النابض الزعلان من بفية العربان , هذا من ناحية , من ناحية أخرى يحاول الرئيس التمويه على هذا الهجوم , حيث تكلم بشكل مطول في احدى خطبه الطويلة عن العروبة وعن الحضارة العربية والعنصر العربي أو العنصرية العربية , وأمجاد العروبة وقلب العروبة النابض وقد شدد الرئيس في خطابه الأخير على العروبة وأمجادها وأهميتها , وما يعنيه الرئيس هو عكس ما قاله تماما, فالهدف هو تحطيم البعث العربي وتأمين بقاء الرئيس على جثة البعث والعروبة , وهذا ماحصل لحد الآن , ولا أحد يستطيع القول على أن هذه الخطة ستنجح مستقبلا , واقع الأمر اليوم هو أن البعث حطام , والرئيس شبه حطام .
النظام سيحاول تلميع نفسه ليس فقط عن طريق “واجهة” شكلية للمعارضة , واجهة مؤيدة بدون مشروع وجمهور, وانما سيحاول تنظيف بيته ليس من عموده الفقري كرامي مخلوف أو شاليش أو حمشو وغيرهم , وانما عن طريق ازالة النفايات مثل خالد العبود وشريف شحادة وطالب ابراهيم . أي عراعرة النظام , وسيحاول النظام اضافة الى ذلك كسب ود المعارضة الداخلية ., وأقول “ود” فقط لا أكثر , وذلك عن طريق تبجيل هذه المعارضة ..انها المعارضة الشريفة !, ومقارنتها بالمعارضة الخارجية الغير شريفة ..كلاب الناتو ..والمزعج بالنسبة لموضوع كلاب الناتو هو أنه ليس من الممكن وضع هؤلاء الكلاب في المحجر ولا يمكن ابتزازهم ولا تجويعهم أو قطع الماء والكهرباء عنهم أو فصل خط التلفون أوملاحقة الشبيحة لهم وقذفهم بالبندورة أو البيض ,كما حدث مع ميشيل كيلو عندما كان في سوريا وتحديدا في مدينة طرطوس , ترغيب وترهيب المعارضة الداخلية أسهل , وتقسيم المعارضة الى داخلية وخارجية أصلا هو بدعة سورية لا وجود لمثيل لها في العالم , وهدفها هو تشتيت وتجزأة واضعاف المعارضة السورية , لقد بدأت السلطة باستهلاك واحراق بعض الأسماء , ومن المحاريق الآن قسم من الحزب السوري القومي وقسم من الحزب الشيوعي , والعزوف عن علي حيدر وقدري جميل داخليا بدأ الآن في صفوف الحركة الشيوعية والحركة السورية القومية .
موقف السلطة من الأعراب مزدوج , الرئيس يتقرب والنظام يبتعد , وفي هذه الازدواجية منافع ومخاطر , التقرب من الأعراب سيزعج ايران , والابتعاد عن الأعراب سيفرح ايران , ووضع تركيا مشابه نوعا ما ..الى أين يسير النظام في هذا الطريق المزدوج , وما هو الهدف العملي الذي سيصل اليه ؟ , يبقى أمر غير معروف بشكل أكيد , على كل حال فان الازدواجية خطرة ,وهناك نهاية تلوح في الأفق , النظام منتهي الفاعلية , والعروبة انتهت منذ أمد بعيد , والعلاقات الدولية سوف تتغير بشكل جذري , وفي تقديري ستكون العلاقة مع تركيا مستقبلا متميزة جدا وايجابية , في حين ستتنتهي كل علاقة مع ايران , لأن ايران ربطت مصير هذه العلاقة بمصير النظام , النظام سينتهي والعلاقة كذلك, وذلك بالرغم من حماية المهدي المنتظر لهذه العلاقة .
ماذا لو طالت الحرب الأهلية ؟, وماذا لو ترسخ الوضع الانفصالي الاستقلالي للأكراد ؟ بكل سهولة وأريحية قايض النظام مسألة أمانه وتخفيف الضغط عليه مع اشكالية الاستقلال والانفصال الكردي , لامانع اطلاقا من قيام دولة كردية , اذا دافع الأكراد عن النظام , والتلويح باستقلال الأكراد هو محاولة ارباك لتركيا , وأظن على أن الاكراد يدركون اليوم الفرصة الذهبية المتاحة لهم وسوف يستغلونها الى أقصى حد , ولا يفكر الأكراد الآن في مستقبل بقية سوريا , حيث ستصبح فكرة الدولة العلوية قابلة جدا للنقاش والتطبيق أيضا ,ولا أظن على أن الأسد يفكر كثيرا في هذا الموضوع , خاصة وأن تتويجه كملك على هذه الدولة هو أمر شبه مضمون ..الملك ملك , ان كبرت المملكة أم صغرت .