براءة المتهم , واتهام البريئ

أدان مجلس حقوق الانسان في جينيف  الحكومة السورية  بغالبية  41 من أصل  47 دولة ومعارضة روسيا والصين وكوبا  بخصوص مجزرة الحولة , كما طالبت  المفوضة  السامية لحقوق الانسان  نافي بيلاي   باحالة الموضوع الى محكمة الجنايات الدولية  , والقيام بتحقيق دولي بخصوص المجزرة , ثم  انهاء الافلات من  العقاب  وضمان  مساءلة المتورطين  بهذه  الجرائم  , ثم  السماح  للجلنة التي  شكلها مجلس حقوق الانسان  للتحقيق في الانتهاكات  المرتكبة في سوريا .

ولنبدأ بالمطلب الأخير  حول السماح للجنة بدخول سوريا  , لا أعرف أي سبب  لمنع اللجنة من دخول سوريا  والتحقيق  ثم التحقق من  هوية المجرم , هذا اذا كان ماقاله السيد مقدسي في محاضرته يوم أمس صحيح  , واذا صح ماقاله المقدسي  , فانه يصبح  ماقاله مندوب سوريا  في مجلس حقوق الانسان صحيحا  , أي ان  الادانة هي   عمل حاقد  ضد  سوريا  , أما اذا  كانت  تقارير المقدسي  مفبركة   فالأمر يختلف كثيرا , هنا ينقلب السحر على الساحر , وتصبح الادانة مزدوجة ..أولا  الادانة بسبب الاجرام , وثانيا الادانة بسبب فبركة التقارير , وهنا  أريد طرح السؤال التالي  ,ماهي المصلحة من شرشحة سوريا بهذا الشكل ؟

لاتوجد للدولة السورية  اطلاقا  أي مصلحة بالشرشحة , وليس للدولة السورية أي مصلحة في مثولها أما القاضي في محكمة الجنايات الدولية ,  حتى انه لا مصلحة للوطن في   اصدار الأحكام ضد السلطة الحاكمة  مهما كانت هذه السلطة , الا أن  الأمر شيئ آخر .

يبدو هناك نوع  من عدم الخبرة  في المجال الدولي , مضاف اليه نوع من الغباء  , ثم الاستهتار  وتجاهل الغير   , اضافة الى  كون  كلام المقدسي  وكلام الحموي ليس موجها الى الخارج  , وانما الى الداخل ,  وفي هذا التوجه الخاطئ تكمن المشكلة, التي هي  مع الخارج  ومع الداخل أيضا , ولايكفي اقناع الداخل بوجهة نظر معينة , انما يجب اقناع الخارج أيضا , والفشل في اقناع الخارج واضح  من التصويت    ونتائجه  , ولا أظن على أن  اقناع الداخل  على مايرام  , فسمعة التقارير  الحكومية السورية داخليا وخارجيا  بالغة السوء  , وحتى عندما يصدق التقرير  لايصدقه الكثير من أفراد الشعب السوري , والأزمة التي تتحكم بالمصداقية   هي أزمة “ثقة”  اضافة الى أزمة “الصدق ” , الذي من النادر  لمسه عند الاعلام الرسمي  القاصر .

فالاعلام  لم يفهم لحد الآن   على  أن الاشكالية لاتتعلق بكارثة الحولة فقط , وانما لها علاقة  بالممارسات المزمنة للسلطة , والتي لايمكن القول على أنها قانونية   وخالية من الشوائب  , ولا يمكن القول على أن السلطة لاتقتل  ولا تسجن ولا تعذب  , فالسلطة قتلت وسجنت وعذبت , وعند حدوث  شيئ نمن قبيل كارثة الحولة  تنهال عليها الاتهامات  , التي عليها دحضها  , ولم تتمكن في الكثير من الحالات من دحض الاتهامات …يبدو لي  وكأن المجتمع الدولي يتعامل مع السلطة حسب  مبدأ    متهم  حتى تثبت البراءة  , بينما  الأمر في الحالة   الطبيعية  بعكس ذلك … بريئ  حتى ثبات التهمة ,

لاشك بوجود نوع من الكيد  ولا شك بوجود بعض التحامل  وبعض المبالغة  وبعض الجور  وبعض الرفض والكره ,الا أن الكثير من الممارسات لاتسمح الا بالادانة  , كتلك التي تتعلق بالاعتقالات والتعذيب   وعدم احترام القانون  وحقوق الانسان , وكثير من  المسلكيات  لاتسمح الا بالاستنكار , ومن المسلكيات ماهو  غير مألوف ولا يمت للسياسة بصلة  , كأن يقف  وزير الخارجية  مبشرا بالغاء أوروبا من الخريطة , أو يقف مندوب سوريا في الجامعة العربية ويتحدث عن الجامعة العبرية  , ثم يكيل الشتائم لغيره  بطريقة  مأساوية  , حيث يقلب  بفعلته هذه الحق الى باطل ..هناك كثير من  القضايا  التي كان من المكن كسبها  , لو توفر  المحامي  الجيد , الذي يعرف  نقاط قوته ونقاط ضعفه , ويتعامل مع غيره  باحترام .

للأسف تتطور الأمور ليس بالشكل  الذي يريده  أي سوري لسوريته , وسوريا تدفع الآن ثمنا مرتفعا جدا لسياسات قاصرة صنعها المعاقون سياسيا , أسأل نفسي بحسرة ومرارة , هل يمكن أن  تصبح الأمور أسوء مما عليه الآن ؟

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *