في مفهوم الدولة ..الجملوكية خاصة

ساس  الحصان , أي قاده الى  حيث الماء ليشرب , وفي العربية   أتت كلمة السيلسة   من ساس الحصان , اانه لاعلاقة للمارسة العربية للسياسة مع ساس الحصان , فالساسة العرب لايقودون شعوبهم الى حيث الماء  , وانما حولوا شعوبهم  الى بعير في البيداء  يقتلها الظمأ , والأنكى من ذلك  هو ان الماء  محمول على ظهر البعير , وهذا مايزيد في حرقة قلب البعير .

الدولة بمفهومها اللابعيري   تحتكر السياسة  ومشتقاتها,عن طريق سلطة  منتخبة  لتحافظ على النظام الذي  اعتمدته الدولة , والنظام هو شكل الحكم الذي لايتغير  الا بحالات مفصلية وبفترات طويلة ..انه في سوريا  جمهوري انتخابي تمثيلي  , وليس ملكي وراثي, الا أن السلطة حولته الى مابين بين , وهذا ماسماه الرئيس العربي  الوحيد المنتخب المرزوقي  الدولة الجملوكية .

في التفكير السياسي اللابعيري  تحتكر السلطة التي تحمي النظام والدولة  ممارسة العنف , أي انها الجهة الوحيدة  التي يحق لها  تنفيذ الأوامر التي تصدر عن جهات قضائيىة بالقوة , اضافة الى كونها الجهة التي  تحمي مضامين الدستور , كالحفاظ على الحرية  , واحترام كرامة المواطن  وتحقيق العدالة الاجتماعية , وعندما  لاتحقق السلطة الموكلة  من الشعب كل ذلك تصبح سلطة لاشرعية  ويجب عليها التنحي طوعا أو قسرا , والطامة الكبرى  هي عند تزاوج اللاشرعية الولادية مع اللاشرعية النكتسبة , اسرة سياسية من هذا النوع تمثل    أسوء أشكال القمامة السياسية .

قبل وبعد أسبينوذا  فكرت الشعوب  مليا في الدولة والسلطة وضرورات الدولة وأضرارها  , فالدولة ليست “غاية” ولا” غواية ” , والشعب يقتنيها  من أجل الحفاظ على أمنه واستقراره وراحته , ومن أجل ذلك يتخلى الانسان عن الكثير من  الحريات الفردية لصالح المجتمع , الذي يبرم معه عقدا اجتماعيا ,  يتجلى به الأخذ والعطاء  , عقلانيا كما يقول هيجل !!, ولا يعتبر اخضاع الناس الى املاءات العقل  استعمارا لهم , وانما تحريرهم من عجز الفردية  , وتمكينهم من التوصل الى أكبر قدر من الانجاز  للفرد عن طريق الجماعة المتكافلة المتضامنة, والتي تنعكس فوائدها على الأفراد , حيث  يتم تعريف  الحرية الفردية  بشكل جديد  , شكل يضع التخلي عن الأنانية في مقدمة الممارسات  , ويغير بعض المضامين  المسلكية  لينقلها من الحيز الغريزي الى الحيز الحضاري ’ الذي يسيطر عليه العقل وديناميكيته . ثم  الشك  والمنطق  والواقعية الرشدية  ثم التااريخ المقارن .

السلطة هي بطبيعتها مؤقتة , وهذا أمر ضروري  لنقاء  وحكمة الحاكمية , فالسلطة الأبدية هي سلطة تميل الى الترهل والتنخر , و التغني بأمجادها , دون أن يكون لها أي أمجاد , هي سلطة  لاتستطيع تجديد نفسها  ,لأن بقائها مضمون , وأسوء السلطات هي السلطة الجملوكية  , التي تجمع كل  مساوئ  النظم الجمهورية  والملكية ,بحيث تصبح النظم الملكية الدستورية   أفضل بكثير من النظم الجملوكية  ,ففي النظم الملكية الدستورية  يتم التغيير  في بنية السلطة على مستوى رئيس الوزراء ووزرائه ,, والملكة أو الملك يقوم  ببعض  الأعمال  الرمزية , والنظام الجمهوري  متفوق  بشكل واضح على النظام الجملوكي ,  وفي سوريا تتأخر الدولة وتتقهقر  تحت قيادة  اسوء النظم , التي يمكن القول  عنها في سوريا , على انها جملوكية .

في كتابه:” العالم و السياسي” يعرض  ماكس فيبر  تصوره للدولة المعاصرة , باعتبارها تجمعا بشريا يحتكر حق و مشروعية ممارسة العنف المادي ضمن نفوذها الترابي. و هذا يعني أن حق ممارسة العنف و إعطاء المشروعية لممارسته يندرج ضمن سلطات الدولة، بحيث أن من يمارس العنف بدون موافقتها هو خارج الشرعية. يؤسس فيبر أطروحته هذه منطلقا من حصره لمفهوم السياسة باعتبارها فعل “قيادة تجمع سياسي يسمى اليوم بالدولة” و التي يعرفها سوسيولوجيا- في التجربة المعاصرة- من خلال وسيلتها المفضلة في ممارسة السلطة” ألا و هي العنف المادي” و بعد ذلك ينتقل ليؤكد أن العنف أساس وجود الدولة و بدونه تختفي و تسود الفوضى، وكل هذا يرتكز على ركيزة واحدة   , هي ركيزة “شرعية “السلطة , الغير متواجدة في المجتمعات العربية , التي يمكن تسميتها  مجتمعات  “سلطانية ” , التي تنفصم بها العلاقة  بين السلطان والمجتمع  , وسبب الانفصام كان  عدم وجود مجتمع  سياسي  بفعل الاستعمار التركي  , حيث لم يكن  للرعية  أي قرار أو  اختيار  للسلطان   المهيمن على كل شيئ .

لاشعوريا استلذت الديكتاتوريات العربية  بالنموزج “السلطاني”, وعملت على  توظيفه في خدمتها  , فالرؤساء العرب  لايختلفون عن الملوك والأمراء العرب , وكل هذه الجوقة لاتختلف عن  السلطان التركي قيد شعرة , وفي حال فساد وتشنج علاقة السلطان بالبعير , يتحول السلطان الى وحش مفترس  ..يقهر وينحر  ويبطش  ويخيف ويذل  ويستعمل الكذب والدجل  والخداع  والقتل والتشريد والتهجير  والسحل والمكائد وكل  ماملكت يداه  من رزائل , يروع ولا يتورع عن شيئ  اطلاقا , حتى بقاء المرتع الذي  يمتصه ويستزفه  يصبح يوما ما بدون أي أهمية , خاصة عندما يبيع الوطن  ويضع  ثمن الوطن على حساباته وحسابات  أقربائه  وأصحابه   في البنوك الأجنبية  , فأين هي مشكلة رفعت الأسد المادية  عندما يترك  نائب رئيس الجمهورية الوطن وتحت ابطه أكثر من 10 مليارات دولار , ولا نعرف  كم سيكون تحت ابط من سيترك البلد مستقبلا ..بالتأكيد سيكون تحت ابطهم  أكثر مما تحت ابط الدكتور رفعت  الأسد بكثير !.

سؤال الدولة  وجودتها لايرتبط اساسا ودائما  بنوع  النظام  ان كان جمهوري  أو ملكي  أو مابين بين , وانما  بنوع الادارة  السياسية  , التي عليها أن تكون نظيفة  , لكي تصبح الدولة نظيفة, توجد مملكات جيدة وتوجد جمهوريات جيدة , الا أن التاريخ لايعرف جملوكية جيدة .، وكل ذلك يرتبط اضافة الى ذلك بنوع الارادة  السياسية , التي تعمل مع الادارة السياسية  , لكي لاتتعارض  غاية  السلطة مع غايات الانسان , التي تتمثل  في تأمين الحرية  والأمان  والراحة والبحبوحة له , ثم تؤمن له  العدالة والمساواة .

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *