بين سلفية النظام وعلمانية السلفية

النظام علماني  بقدر ماهي السلفية ديموقراطية ,والسلفية   علمانية , بقدر ماهو النظام ديموقراطي, فلا علمانية في النظام ولا ديموقراطية في السلفية  , ومن هنا يمكن القول  على أن النظام سلفي ,وأن السلفية  أسدية , وذلك  على الرغم من  العداء الظاهري الشديد بين الأسدية والسلفية …عداء  المتشابهات !!

لايمكن لنظام الاستبداد ان يكون علماني ,  حتى ولو كان  علمي , فالنظام العلماني (بفتح العين)   هو نظام بعيد عن  التعامل الطائفي , ولا يمكن لنظام علماني أن يجذر الطائفية  ويوظف التناقضات الدينية  والمذهبيىة في خدمته , وذلك لضمان بقائه واستمراره , ومن يقوم بذلك هو اللاعلماني  أي  الديني  ,  الذي تنكص في سوريا  ليصبح طائفي , ومن هنا التشابه بين الأسدية والسلفية ,حيث أن السلفية  توظف أولا الطائفية في خدمتها ,وهذا  مايفعله النظام منذ العديد من السنين .

الأساس التي ترتكز عليه السلفية  هو الجهل , والأساس  الذي يرتكز عليه النظام الحالي  هو التجهيل ,  وذلك عن طريق  منع التفكير والقضاء على العقل  وقطع اللسان وظيفيا   وتحريم ممارسة غريزة الكلام , وذلك في كافة المجالات  سياسيا  وحقوقيا ومدنيا , لقد منع النظام  بسطوة السيف كل جدل اجتماعي  وسياسي , وأمر بالاكتفاء بأقوال الرئيس  الخالد  أو الحالي البائد , لقد تقزم الفكر الاجتماعي  والسياسي للمجتمع السوري بشكل مرعب ..والقزم  الفكري الرئاسي لم يقتدر  على التعامل حتى مع محاضرة  لعارف دليلة  الا بوسيلة الارهاب  , التي قذفت بعارف دليلة  في السجن سنينا , والتي قذفت  بسلامة كيلة  الى خارج الحدود , بعد ان نال   مايشفي غليل الارهاب السلطوي من فلق وتعذيب واضطهاد  , والأمر لايقتصر على دليلة وعلى كيلة … معظم من ذاق الأمرين في السجون  هم من فريق رواد الفكر ..ان كان  رياض الترك أو ياسين الحاج صالح أو غيرهم .الاستبداد  هو  أولا استعمار العقل  وبالتالي القضاء على الفكر , وثانيا استخدام الساطور .

لقد منع النظام السلفي أي نسق فكري أو سياسي بالتواجد في المجال العام  السوري  سوى نسقه , الذي لايمت للفكر بصلة ,  لأن القزم لايستطيع ممارسة التفكير , لذلك لافكر عنده , ومن لافكر عنده  لايستطيع تحمل قراءات مختلفة  للمواقف   , وبالتالي  لايسمح بالتلاقح بين  هذه القراءات  والمواقف  , أي أن النظام الذي هو سلفي بطبعه وطبيعته    مصاب بالعقم  ولا يستطيع الانجاب , وذلك تأكيدا على صحة ماقاله أدونيس ..البعث لم ينجب مثقفا واحدا , ولتأكيد خاصة العقم  وظف النظام السلفي  كل مالديه من  قمعيات في  نظام تعليمي  وتربوي  واعلامي , لايهتم الا بانتاج الركود والصمت القسري  وعدم الأمن والأمان  والموت السريري , ومن يجلس وحيدا بين أربعة جدران  يتفقد  الجدران أولا قبل أن  ينطق بكلمة , للجدران آذان وعيون,الويل ثم الويل لمن  ينطق بحرف  ينحرف عن  تعليمات السلطة  ولا تستسيغ للنظام  فآذان الجدران تسمع   وعيونها ترى, وهذه هي  من أهم خصائص جمهوريات الخوف , المخيف الارهابي  يسمع ويرى كل شيئ .

ولو أخذنا المدرسة  وموضوع  السياسة في المدرسة  !,فالسياسة ممنوعة منعا باتا  ,ماعدا  ممارسات الشبيبة التعبدية  ..تأليه الحاكم ,وتبجيله , والركوع أمامه  وتبخيره , والمدرسة هي التي تؤهل الجيل  الصاعد لممارسة حياتية تقدمية  منتجة , وهل يوجد  ذو عقل في  العالم يرى على أن   انتاج موتى العقل   والمحنطات والمستحاثات مفيد للوطن   وذلك بالرغم من كونه مريح للسلطة  , التي لم تعرف حتى عام 2011 معارضا  واحدا   بقي على قيد الحياة أو بقي خارج  المحجر أو لم يهاجر .. معارضة السلطة هي بمثابة خيانة للوطن  , لأن السلطة هي الوطن  , ومن يريد التعرف على عواقب خيانة السلطة , عليه     بسؤال    المقابر    والمحاجر   والمهاجر …

اننا أمام سلفية  تريد البقاء   ليس لأنها جيدة , وانما لأن السلفية الأخرى  أسوء منها .. هكذا تدعي السلفية الحاكمة , وقد يكون هذا الادعاء صحيح   أو باطل  , ولا فرق هنا بين الصحيح والباطل عمليا , ذلك لأن النجاح   في تخريب المجتمع من قبل أي سلفية  ذو علاقة بالمجتمع وبوعيه  وتجاربه  وقوته  وتنويره , والظروف  التي تكونت بها السلفية الأسدية قبل حوالي نصف قرن  ,هي غير الظروف الحالية , فالمجتمع السوري  ,الذي يتظاهر  ويتمرد ويقاوم سلطة عاتية  سوف لن يسمح  بنشوء  ديكتاتورية  سلفية جديدة ,وتحذير السلفية الحالية من حكم سلفية أخرى في المستقبل يرتكز على خاصة من خواص السلفية الديكتاتورية  , وهي جهلها  بتطور الشعوب  ثم تجاهلها  للشعوب  وتطوراتها , الشعب السوري  أصبح  بفعل العقود المريرة أكثر يقظة   ,وما حدث انقلابيا عام 1963  لايمكن له أن يحدث  عام 2013 , حيث يمكن في هذا العام  ,على أبعد حد ,انتظار نهاية لنظام , كان له أن ينتهي  قبل سنين ….لاسلفية بعد الآن , ومن  يروج ذلك  , يروج لبقاء السلفية الحالية , المستقبل  السوري هو صورة عن الحاضر المصري أو التونسي , سيكون للقوى المحافظة  بدون أي شك دور  في الحياة العامة , وسيكون هناك سلفية   وربما  تستقطب القوى الاسلامية  في أول انتخابات  (ليس كل اسلامي  سلفي  وليس البعثي علماني )  حوالي 30% من الأصوات  , لتنحدر في الانتخابات التالية الى 15%    , الاسلاميين قوة في البلاد  لايجوز تجاوزها أو تجاهلها , الا أنها ليست القوة الوحيدة والأكبر , التيار المدني  أقوى بكثير  من  المحافظين  , ولا خطر على البلاد  الا من السلفية  الحالية الحاكمة .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *