من سيسقط النظام ؟

الكاتب المذهبي  نضال نعيسة  يسأل متحديا  ,من سيسقط النظام ؟ , وكأنه يقول  أن الذي يريد اسقاط النظام لم يولد بعد ,   وحسب تقييم نعيسة فان  الذي يريد اسقاط النظام هو  ساذج وصبياني   , ذلك لأن  وراء النظام تقف  منظومة اقليمية فائقة القوة , وذات اعماق دولية كبيرة ,  لذا فان محاولة اسقاط النظام  هي “سذاجة سياسية , بل حماقة  ومغامرة  غبية ” ولا شبه بين سوريا  وبقية الدول الأخرى كليبيا ومصر وتونس واليمن , ولا أعرف هنا ماذا  يعني  الكاتب المذهبي   بالفرق بين سوريا  من جهة  وبين مصر وتونس , هل يعني , ان سوريا أرقى من الدولتين  ,أو ان سوريا  محكومة ببربرية من العسير التخلص منها , ارجح الاحتمال الثاني , الذي يدعمه  قول  الدكتور فيصل القاسم  ,الذي قال انه يلزم لسوريا خمسين سنة حتى تصل الى مستوى مصر  تحت مبارك .

الكاتب المتنور   مذهبيا , قدس الله سره , يعزي سهولة تفكيك النظم في تونس وليبيا  ومصر  , بارتباط هذه الدول اطلسيا تركيا خليجيا , حيث قام هذا المحور  الأطلسي التركي الخليجي  بتفكيك هذه الدول , وبشكل طبيعي يجب شكر هذا المحور  لعملية التفكيك هذه  ولتحرير الشعوب من  هذه الأنظمة المتعفنة  , الا أنه من الملاحظ , على أن المتنور مذهبيا  لايذكر الشعوب  بكلمة واحدة , ولم ينتبه لوجود الشباب والشعوب , لأن الشعوب بالنسبة له  وللنظام الذي يروج له لاوجود لها  , فالمسألة هي  المحاور , المحور  الأطلسي بائد , والمحور  الايراني الملالي سائد ورائد  , ومن يريد انقاذ نفسه من الهلاك  عليه بالتمحور مع المحور  القوي ,أي المحور الملالي  المذهبي , محور الشعب هراء ولا قيمة له .

الكاتب يقول  ان الغرب انتشى  بتفكيك  انظمته  الفاشلة الهزيلة , والسؤال هنا  لماذا يفكك الغرب “أنظمته”  التي يسيطر عليها  تماما ؟ لا جواب منطقي على هذا السؤال , ذلك لأن الشعب  هو الذي فكك هذه الأنظمة  , والغرب  انصاع الى ارادة الشعوب  وساعد في القضاء  على ثاني أسوء نظام في العالم (القذافي) , اما محور الملالي   فيساعد على  استمرار  أسوء نظام في العالم , نظام قمعي قاهر لكرامة الانسان  وحريته , نظام بوليصي ولصوصي , وبالرغم  من الجهاد الملالي في سبيل  الابقاء على الحزام الشيعي, الذي تشكل السلطة حلقة من حلقاته , , وصل النظام  أو بالأحرى السلطة   الى  درجة متقدمة من التفكيك ,  الذي يتمثل بالحرب الأهلية , التي لايعي  المخلوق المذهبي مدى تدميرها  لكيان المجتمع السوري  , ذلك لأن كيان المجتمع السوري لايهمه , المهم ان يبقى  الاستئثار الفئوي الطائفي بالسلطة , وذلك مهما كلف ذلك من خسائر   , واذا كان العرعور مستعد  لافناء 30%  من  الشعب  السوري من أجل الوصول الى الكرسي , فان السلطة مستعدة لافناء 90% من الشعب السوري من أجل الكرسي , وما  قصف  الأحياء السكنية بالمدفعية والدبابات والأسلحة الثقيلة  الا تعبير عن هذا الاستعداد , الذي نادرا مانجد مثيلا له في التاريخ .
الكاتب يصف النظام المصري  والليبي والتونسي بأنهم انظمة هزيلة وفاشلة , هل ينطبق الفشل على النظام السوري ؟ وأين هو الفرق بين النظام الليبي والنظام السوري  باستثناء غزارة النفط في ليبيا , التي أمنت مسروقات أكبر من المسروقات السورية ؟ثم يقول الكاتب ان السلطة لم ترحل وذلك رغم النبوءات  التي قالت ان أيامها معدودة , هنا لم يلاحظ الكاتب على أن السلطة رحلت  عمليا  من العديد من المناطق السورية , لاوجود للسلطة في معظم احياء حمص  ولا في ادلب ولا في  درعا  ولا في دوما  أو الزبداني  أو دير الزور , والسلطة التي  تركب الدبابة  وتتصرف كوحوش الغابة , هي سلطة ساقطة , لعل نضال نعيسة يعي هذا الجانب الحضاري من الاشكالية .
مسألة  حذف الدور الشعبي  عند الكاتب ليست عرضية  , وانما أساسية  أذ يقول “وثمة عوامل كثيرة، داخلية وخارجية تؤكد استمرار وبقاء النظام مع الاحتفاظ بكامل لياقته العسكرية والبنيوية السلطوية، ومع استحالة، بل انعدام الفرص لأي تدخل خارجي، أو توجيه ضربات جوية لمراكزه الحيوية، والأمنية، والاستراتيجية، مع وجود منظومة دفاع جوي متطورة، ودعم إيراني، روسي بالأقمار الصناعية، يجعل من أية مغامرة من هذا القبيل محكومة بالفشل” واتلغريب في الأمر هو اعتراض الكاتب على التدخل الخارجي من جهة , ومن جهة أخرى تبرجه بالتدخل الروسي الايراني , واعتماده على الاقمار الصناعية الروسية , أما كان من الأشرف للكاتب لو اعتمد على الشعب السوري  , وكان واضحا مع قضية التدخل الخارجي , ومن يصدق الكاتب ويأخذه مأخذ الجدية  عندما يكون خطابه مصاب  بهذا النوع  الفاضح من الانفصامية والازدواجية ,. وهل اللياقة العسكرية  تعني قصف المدن بالمدافع وتهديم  البيوت على رؤوس ساكنيها ؟

تعرج الكاتب الملهم الى الوضع التركي  بمنطق اعوج وأعرج , اذ قال ان  تركيا ليست الا طبل فارغ , وعجبا كيف تسلم السلطة  زعيم حزب العمل الكردي  , بعد ان هددت تركيا   بالتدخل العسكري قبل سنين  ,  وكيف  يلوح الكاتب  بتفجير تركيا داخليا عن طريق الأكراد , وقد سلمت  السلطة  أكبر زعمائهم الى تركيا  , ليسجن مؤبدا , وما هو حال الأكراد في سوريا  ؟ هل هم الى جانب السلطة؟, او ان السلطة  تشن الحروب ضدهم , ومن  الغى الجنسية السورية عن أكثر من 150 ألف كردي؟ , لذا فان تفجير تركيا عن طريق تأليب الأكراد هوأمر   ذو غباء منغولي , والأمر نفسه ينطبق على العلويين  الأتراك , ومن الغباء المنغولي أيضا اعتبار هؤلاء صنيعة للسلطة السورية  ومن زبانيتها , فالسلطة السورية لاتستطيع استمالة المواطن التركي العلوي الى جانبها عن طريق المذهبية  , لأنها  لاتستطيع تأمين الامتيازات له في تركيا  , وتنويه الكاتب  الى امكانية  تفجير الوضع الداخلي التركي عن طريق الطائفة العلوية  وقرابتها  المذهبية من الطائفة العلوية السورية يشير الى  نمط التفكير المذهبي عند الكاتب  , الذي يحتقر بادعائه هذا الطائفة العلوية التركية  ,  ويعتبرها قابلة لممارسة الخيانة من أجل عيون بشار , خسئت  أيها الطائفي !!

اخيرا  لايستطيع الكاتب الا أن يبهدل نفسه , كما تبهدلت السلطة عن طريق  نفي الصفة الثورية عن الحراك , وكأن تسمية الحراك بالثورة أو غير ذلك  يؤثر عليه , على كل حال فان هذا الحراك ليس انقلابا عسكريا  , كالذي يحتفل الكاتب بذكراه  كل سنة في الثامن من آذار , ولا يستطيع الكاتب  التخلي عن ذر الرماد في العيون , كما يفعل  اسياده  , وذلك بشن هجوم ثرثري  سوقي على دول أخرى  , الكاتب يريد تصنيف السلطة في مصنف التقدمية  ,التي تناهض رجعية الخليج , أيضا لاينطلي هذا الأمر على أحد , وليست  مهمة المواطن السوري اصلاح الخليج  , انما مهمته تنحصر في وطنه  واصلاحه , وسلطة الوطن لاتمت الى التقدمية بأي صلة , انها سلطة فئوية طائفية استبدادية استعبادية سارقة ديكتاتورية  فاسدة , وموضوع المقارنة مع الخليج  مضيعة للوقت والجهد .

أخيرا  يعيد الكاتب السؤال : من سيسقط النظام ؟وطريقة السؤال توحي بأنه لايعرف الجواب , الجواب هو التالي : أكبر من يساهم في اسقاط النظام  هي السلطة بعينها  وفي الدرجة الثالثة والرابعة والعاشرة تأتي  العوامل الأخرى  , ولطمأنة  الكاتب  أقول  ان النظام  بحكم المنتهي  سيان بقي بشار رئيسا للجمهورية  أم لم يبق ,النظام لايستطيع  السباحة في الماء الحلو  , يلزمه الماء المالح العكر  المستنقعي  من أجل  تأمين الامتيازات والمصالح  , وفي  الاصلاح  تكون مصلحة الوطن فوق كل المصالح , وكيف يستطيع رامي وحسن ومحمد هنا الاسترزاق ؟؟ليس لهم الا الاختناق  , فالى جهنم وبئس المصير .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *