الروائي الألماني العالمي غونتر غراس يُغضِبُ إسرائيل وثوار الربيع العربي.

 

الروائي الألماني العالمي غونتر غراس يُغضِبُ إسرائيل وثوار الربيع العربي

جوان جان  

لم تمنع السنوات الخمس والثمانون التي يحملها الروائي الألماني الشهير غونتر غراس على كاهله، كما لن تنفع جائزة نوبل للأدب التي حصل عليها في العام 1999 وسائلَ إعلام ألمانية من مهاجمته وتقريعه

بل والدعوة إلى إحراقه (بالمعنى المجازي للكلمة) بعد فترة وجيزة من نشره قصيدة بعنوان «ما ينبغي قوله» في إحدى الصحف الألمانية والتي يهاجم فيها المجتمع الدولي بسبب تغاضيه عن حيازة (إسرائيل) لترسانة نووية في الوقت الذي يلاحق فيه هذا المجتمع دولاً أخرى لمجرد وجود برنامج نووي سلمي لديها، ويؤكد غراس في قصيدته أن (إسرائيل) ومن خلال سلاحها النووي إنما تشكل تهديداً للسلام العالمي، وينتقد توجيه ضربة وقائية إليها، ويضيف إنه من واجبه أن يقول ذلك اليوم قبل فوات الأوان، مشيراً إلى أن تهمة معاداة السامية التي تواجهه جراء قصيدته لا يستغربها، مؤكداً أنه لن يسكت بعد هذا اليوم على تجاوزات إسرائيل ورعاية المجتمع الدولي لها، موضحاً أن الهجمة الشرسة التي يتعرض لها بسبب كتابته لقصيدته لا تتناول القصيدة من الناحية الفنية بل من الناحية الفكرية، ومشيراً إلى أن الحرب الإعلامية التي يتعرض لها لا تشير إلى وجود صحافة حرة وحياة ديمقراطية في ألمانيا.

الهجمة ضد غراس تزعّمها الإعلامي الألماني هنري برودر الذي لم يتردد في إلصاق تهمة معاداة السامية بغراس وهي التهمة الجاهزة دائماً في وجه كل من ينتقد إسرائيل استغلالاً من مطلقي هذا الاتهام لجهل معظم الناس وخاصة في أوروبا وأميركا بأن إسرائيل شيء والسامية شيء آخر مختلف تماماً، وأشار برودر إلى أن غراس لطالما كانت له مشكلة مع اليهود، علماً أن غراس في قصيدته لم يشر إلى اليهود لا من قريب ولا من بعيد.

وحذت صحف ألمانية شهيرة مثل «دير شبيغل» حذو برودر عندما حوّلت الموضوع من انتقاد لحيازة أسلحة نووية إلى معاداة للسامية، ولم يفت الصحيفة بالطبع اتهام غراس بالانتماء إلى إحدى المنظمات النازية وهو الأمر الذي يبدو أن الصحيفة المحترمة اكتشفته بعد أن بلغ غراس الخامسة والثمانين من العمر.

ومن جهته عزف افرايم زوروف مدير معهد سايمون فايزنتال في (إسرائيل) على نفس الوتر عندما قال إن غراس يتكلم نيابةً عن مجموعة من الألمان يبدون محترمين في الظاهر لكن لديهم آراء معادية للسامية، وكأن زوروف يريد أن يقول إن الإنسان إما أن يكون محترماً أو معادياً للسامية!!

ويبدو أن قصيدة غراس التي أثارت هذه الزوبعة قد دفعت بعض السياسيين الإسرائيليين إلى أن يتحولوا فجأة إلى نقاد متخصصين في الأدب، فها هو الناطق باسم الخارجية الإسرائيلية يصف القصيدة بأنها قصيدة رديئة، لكن الناطق لم يوضح المعيار النقدي الذي استند عليه في إطلاق حكمه هذا.

من جهته رأى مؤرخ إسرائيلي أن غراس بعد قصيدته هذه أصبح مثيراً للشفقة أكثر مما هو معادٍ للسامية.

وذهبت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية بعيداً حين فسّرت القصيدة بأنها محاولة من غراس للهروب من جرائمه التاريخية، في إشارة من الصحيفة إلى ما يُعرَف بالمحرقة اليهودية التي أصبح غراس بنظر الصحيفة مسؤولاً عنها، لكن الصحيفة لم تخبرنا من المسؤول عن المحرقة الفلسطينية الممتدة منذ ما قبل العام 1948 وحتى يومنا هذا.

وبقيت الكلمة الفصل في هذا الموضوع عند رئيس وزراء إسرائيل الذي كان أعقل من صحافته ومسؤوليه فاكتفى بوصف القصيدة بأنها معيبة؟!!!

كل الآراء السابقة التي انتقدت قصيدة غراس ومواقفه تبدو طبيعية وفي سياقها لأنها صادرة عن أشخاص وجهات ووسائل إعلام معادية للفلسطينيين والعرب ولا يُنتظَر منها أن تتخذ مواقف مناقضة لما عُرِف عنها، ولكن الشيء الغريب في القضية أن هذه القصيدة والمواقف المعلنة من قبل غراس لقيت شجباً واستنكاراً واسعين من أوساط ثوار الربيع العربي، فقد نشرت عدة مواقع إلكترونية تعليقات لمؤيدين للثورات العربية الربيعية ينتقدون فيها غراس على هذه المواقف التي اعتبروها مناوئة لحركاتهم ونشاطاتهم التحررية والتحريرية والمتحررة.

مثقفون عرب مؤيدون للربيع العربي انتقدوا بدورهم غراس وقصيدته معتبرين إياهاً إرثاً ثقيلاً من الماضي الغابر ورأوا فيها نظرة محدودة وغير متزنة للأمور، موضحين أن الوقت الآن غير مناسب لانتقاد إسرائيل.

مثقف عربيّ ومنظِّر في كيفية التدخل الأجنبي في الشؤون العربية أشار إلى أن مواقف غراس من شأنها أن تلحق الضرر بالتحالف الدولي ضد بعض الحكومات العربية (المارقة) في إشارة واضحة منه إلى أن إسرائيل تشكل مفصلاً أساسياً في هذا التحالف الذي ينبغي علينا مناصرته.

مثقف عربي ربيعي آخر أشار إلى أنه (قد) يؤيد غراس في مضمون قصيدته لكن اعتراضه منصبّ على توقيت نشرها، إذ رأى أن نشر القصيدة في هذا الوقت من شأنه أن يبعد الأضواء ولو قليلاً عن الحراك الشعبي العربي.

وبعد.. أليس من حق أكثرنا سذاجة وبساطة أن يتساءل عن سر هذا التناغم بين الإسرائيليين والأوروبيين المؤيدين لإسرائيل وثوار العربي ومنظّري الثورات العربية، وكيف أنهم التقوا على نفس الطريق لتحقيق نفس الهدف؟

 

 

الروائي الألماني العالمي غونتر غراس يُغضِبُ إسرائيل وثوار الربيع العربي.” comment for

  1. الا يحق للقارئ أن يشك في بعض الادعاءات الهوائية , فمن هم هؤلاء المثقفون العرب الذين انتقدوا قصيدة الشاعر , ومن هو هذا المثقف العربي الذي قال ان موقف الشاعر من شأنه الحاق الضرر بالتحالف الدولي , ومن هو المثقف الآخر , الذي اعترض على توقيت قصيدة الشاعر , ومن قال للمرتزق جوان جان على انه يوجد تناغم بين اسرائيل والغرب وثوار العربي ومنظري الثورات العربية , قد يكون هناك توافق في بعض النقاط والمواقف ,مثلا التوافق على ضرورة اسقاط النظام , وهذا لاينقص اطلاقا من استقلالية الثورات العربية , أما التناغم فهذا شيئ آخر , ولما كان الشيئ بالشيئ يذكر .. يجب التذكير بالاتفاق في السعودية (الطائف) حول لبنان , وهل دخل الجيش السوري لبنان دون موافقة أو اذن أمريكي , وكيف زحفت جحافل كتائب الأسد على العراق جنبا الى جنب مع رفاق السلاح من الأمريكان ..وهناك المئات من الأحداث التي تبرهن عدم التزام الصحفي بالنزاهة , لابل تطور معه الأمر الى الكذب , واختراع الأكاذيب , يجب عليه ذكر اسماء هؤلاءالثوريين والمثقفين , لكي نتأكد من روايته , وعدم امكانية البرهنة تعني على ان جوان جان كاذب مأجور ..وبالفعل هو كذلك

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *