ملاحظات حول قرار مجلس الأمن بخصوص المراقبين

مسألة المراقبين  ووجودهم  هي أمر  صحيح سياسيا , وحتى لوكان  غير كاف مبدئيا , فالسياسة   لاتفترض الكمال في صياغتها   , التي ترتكز على مبدأ   الأخذ والرد  , التنازل  و تنازل الآخر  بشكل ما ,  وحسب  توازن القوى   والجو  العام الذي يسيطر على  الوضع في لحظة ابرام  اتفاقية التراضي  التي يمكن اعتبارها “منصفة وعملية ” نسبيا .

المعارضة  ملزمة  باتخاذ خطوات سياسية   , تقطع الطريق على السلطة  , التي كانت تتمنى  رفض المعارضة  لارسال المراقبين , وكانت تتمنى  عدم التزام قوى المعارضة بوقف اطلاق النار , لأن الاستمرار في اطلاق النار  , هو الأمر الوحيد الذي تجيبد السلطة ممارسته , الريح لم  تجر كما تشتهي السفن  , وهكذا وجدت السلطة نفسها مرغمة على الموافقة على نقاط عنان الستة  وعلى ارسال المراقبين  , الا انها حاولت  تقزيمهم عددا وعدة  , فقد كافحت  بمرارة   لتخفيض عددهم , وساعدتها في هذا الجهاد روسيا , ولا أعرف المغزى النبيل من تخفيض عددهم , وأشك  على ان الاختلاف حول عددهم  ليس الا محاولة تملص من المراقبة , لأن السلطة تريد الاستفراد بالشعب السوري  ولا تريد وكالات انباء أو صحافة أو مراقبين ..على” السكيتة ”  وبدون ضجيج اعلامي يجري قتل  من تريد السلطة قتله , ثم الادعاء  بأن  العصابات المسلحة قتلت واختطفت وذبحت وقطعت  واستباحت ..يد المعارضة حمراء , ويد السلطة بيضاء  !!

ما صدر عن مجلس الأمن حول سورية،يطالب بدخول الصحفيين  إلى البلاد،, والسماح لهم بالتجول بحرية تامة. ثم انه يطالب النظام , تحت طائلة العقوبة ,بسحب اسلحته من المدن ، وضمان حق التظاهر، والإفراج عن المعتقلين. أضف إلى كل ذلك فإن الأمين العام للأمم المتحدة ملزم بتقديم تقريره بعد خمسة أيام فقط عن مدى التقدم الذي تم على الأرض،

تطبيق البنود  الستة   تحت اشراف المراقبين  , سيقود الى انهيار النظام  , لأن النظام لايستطيع السماح   بالتظاهر , الذي سيعم البلاد , وهذا مايعرفه الرئيس بشكل جيد  , ومحاولة النظام   التشديد على ضرورة ترخيص التظاهرات  قبل قيامها,تبخر نهائيا , اذ كيف لمتظاهري   باب السباع في حمص  الحصول على ترخيص ؟ ومن من  سيأتي الترخيص  في مناطق لاتواجد للسلطة بها ؟ هل سيأتي الترخيص من الجيش الحر  مثلا ؟ مجلس الأمن  يريد أيضا  أن تكون التظاهرات مرخصة ,ولا أعرف كيف سيتم التعامل مع هذه النقطة .والبلاد مقسمة بخطوط تماس ,  ثم ان السلطة لم  تدرك لحد الآن على انها ليست سيدة الموقف تماما  ,  الا أنها تدرك بدون شك   على انه لولا  استئساد الأسد بقمع التظاهرات بأعتى  وأجرم  الأساليب القمعية  , لسقط النظام قبل سنة.
المجلس الوطني السوري المعارض رحب وقبل القرار , وبرهن بذلك عن براغماتية  جيدة ، منطلقا من  حتمية سقوط النظام في حال تطبيق بنود عنان , ورافضا الوقوع في مطب “الرفض” الذي سيكون له تأثيرا سلبيا عليه , والمجلس الوطني ادرك نقاط ضعف القرا ر  , الذي  يفترض الموافقة على المراقبين من قبل السلطة السورية , التي تستطيع رفض أي مراقب , وبالتالي تستطيع عن طريق الرفض  كسب الوقت  ,الذي تعده بالثواني  ,  حتى انها  حرصت على  قتل ما عن 25 سوريا والقاء المزيد من القنابل على احياء حمص   , قبل وصول المراقبين ..شعرة من طيز الخنزير نعمة , انقاص عدد المعارضين  بحوالي 25 معارض  , وتهديم مئات البيوت في الخالدية والحميدية  نعمة  لاتقدر بثمن , خاصة   وانه ليس من الممكن أن يستمر ذلك بدون مضاعفات .

مجلس الأمن ساوى بين السلطة وبعض أطياف المعارضة من حيث انتهاك حقوق الانسان , الا أنه  تعامى عن  الحقيقة التي  تميز بين مسؤولية “سلطة حاكمة” وبين مسؤولية  جماعات متفرقة مسلحة ,اتفاقيات جينيف تميز بين  الجندي الرسمي وبين  رجل المقاومة المسلح , وفي هذا المضمار نرى  كيف تتم صياغة موقف سياسي .. أخذ وعطاء  !! ولا يمكن لقرار أن يصدر   في الجو الحالي  الا بتلك الصيغة , عمليا حققت المعارضة مكسبا  مهما جدا  , وهو الاعتراف بها من قبل مجلس الأمن ,  اعتراف جاء بعد أن سحبت حوالي 85 دولة  اعترافها بكون السلطة السورية ممثلة للشعب السوري ,  كل ذلك يمثل نحاحات اسطورية للمعارضة  بشكل عام  , معارضة لايتجاوز عمرها بشكلها الحالي أكثر من 13 شهرا .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *