جريمة الصمت , وجريمة القتل

المجازر تتكاثر  ,  والفواصل بينها تتقاصر  , ومستوى االقتل اليومي  يرتفع , والتخريب يزداد ,  الرفض الدولي  يتعسكر , والفرق الأجنبية  تعمل في البلاد  برغبة  فئات من اهل البلاد  , اذ لايمكن  التنكر  لحاجة الانسان الى الحماية عند تعرضه  للمخاطر التي يتعرض اليها الانسان السوري , وذلك بغض النظر عن  مصدر هذه المخاطر  , لقد انتهى وجود الدولة الواحدة في سوريا , ومن يريد السفر من حمص الى حلب  أو من دمشق الى درعا  , أو يريد التجول في ريف دمشق أو دير الزور أو ادلب أو جبل الزاوية أو القامشلي أو الحسكة  يلاحظ وجود عدة دول  وعدة اجهزة   , ومن يريد  السفر بالحد الأدنى  من السلام عليه  في نقطة التفتيش الأسدية أن يشتم الثورة , وفي حاجز الثورة علية بشتيمة الأسد .. وعليه  أن لايكون مذهبيا مشكوك بأمره ,  الشبيحة تشك بكل سني , والسني يشك بكل علوي  , وسوريا لاتسير الى النهاية  , لقد  وصلت الى النهاية وانتهت .

لقد تصور البعض  , على أن البلاد كانت آمنة في عشرات السنين الأخيرة , لا لم تكن آمنة اطلاقا  , وكيف لنا  افتراض  وجود الأمن والأمان  في حين ان الانسان السوري مصاب بعصاب  الخوف , والخوف ليس   انتاج هلوسة , وانما خوف حقيقي  من أجهزة الاعتصاب والابتزاز والنهب والسرقة , التي تتقاضى من المواطن السوري أجورا لكي تذله  وتدوس كرامته ببصاطيرها , لا أمن أمام القاضي   , الذي يحكم باسم الشعب   وبفعل البرطيل …وعند تعطيل القضاء  ,تتعطل الأخلاق  وينتقل المجتمع الى الغابة , التي يسيطر عليها  ملك  راكب لدبابة .

يتطور كل شيئ في سوريا الى الوحشية  والحيوانية  , واحدى مظاهر التوحش , ماحدث يوم الأحد الماضي  , حيث  انتقمت الشبيحة لمقتل بعض اعضائها من قبل الجيش الحر , وداهمت  كرم الزيتون  بعد أربعة أيام من  نزوح بعض سكانه من مذهبية الشبيحة ,  دبحوا 26 طفلا  منهم 8 أطفال من عائلة واحدة  , و21 امرأة  ., وكلهم من المذهب السني , أقول سنة  , وأنا لا أريد تبرئة السنة من اعمال مشابهة , انما أريد  تكذيب وسائل الاعلام الرسمية  , التي تتهم العصابات المسلحة , أي السنة بهذا العمل ,  منطقيا يجب القول ان هذه العملية هي عملية شبيحة , ولذبيحة السنة بدون أي شك  عمليات مشابهة  ,ذلك لأن التوحش السوري لايقتصر على فئئة  مقاتلة دون الأخرى , اريد هنا استثناء  المعارضة المدنية  من توحش مشابه  , هذه المعارضة لاتقوم بأعمال من هذا النوع .

من الواجب طرح السؤال التالي , كيف حدث هذا التوحش السوري ؟  الجواب  ليس معقدا  وليس صعبا ,  المجتمع السوري تربى في نصف القرن الماضي على  الممارسات الوحشية , و70% من  السوريين المقيمين في سوريا ولدوا بعد عام 1963  , لذا  لاعجب  من هذا التوحش , الذي  مارسته السلطة  يوميا وشوهت  من خلاله نفسية الانسان السوري , ألغت عقله  , وقضت على وجدانه  , أجبرته  أن يصبح متملقا وانبطاحيا  وعديم الشخصية  ..الانسان السوري أصبح لا سياسي  ومشوه غريزيا  ..كل ذلك بفعل السلطة  التي يجب أن تكون مسؤولة عن  كل مايحدث في الوطن   من  مسلكيات حيوانية ..لقد تربى الانسان السوري على احتقار القانون  وعلى  احتقار العدل والحق , ومهزلة الدستور الجديد  ذو الفاعلية بعد 28-2-2012 تبرهن عن ذلك …هل يطبق هذا الدستور , وهل يجري القاء القبض على مواطن  بأمر قضائي ..المادة 85   على ما أذكر .

اذا كانت الفئات المتقاتلة متوحشة , فان الفئات الصامتة  المتفرجة  ليست بريئة من شيئ من التوحش , من يرى ذلك ويصمت  , انما يشارك الوحوش توحشهم ,  ولماذا يصمت الانسان السوري  ويتفرج ؟؟؟أيضا الجواب هنا سهل جدا , لقد فقد الانسان السوري ارتباطة وانتمائه للوطن , وتحول الى انتماء  مذهبي طائفي عشائري عائلي ,  انها سوريا الأسد ..انها كتائب الأسد   ..انه الله والأسد ..قائد الى الأبد  ..مالي ومال مايسمى وطن  , هذا ليس وطن   , انه  مزبلة  ومزرعة , انه ملك شخصي لهم , ومن لايريد  شخصيا أن يكون ملكا لأحد  عليه بوطن يحترم الانسان , وفي سوريا  لاتزيد قيمة الانسان عن قيمة رصاصة ..الانسان السوري بخس  والكثير من المواشي  أعلى قيمة منه ..هل هذا وطن ؟؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *