قبل عشرة سنوات سأل البعض أنفسهم عن مقدرة الرئيس الشاب نقل سورية من عصر الايديولوجيا , الى عصر التنولوجيا , وبعد نهاية هذا العقد من الزمن نرى الخراب والحطام والتلف , فالايديولوجيا لاتزال ميتة , والتكنولوجيا تقزمت الى ألعاب كومبيوتر ونقل اغاني , كانت رسائل الرئيس التي نشرتها جريدة الغارديان قد ازالت الستار عنها … لعب وألاعيب وعبث ليس أكثر .
لافائدة من الحديث عن اللعب , والأفضل الحديث عن العبث والألاعيب , ومن هذه الألاعيب “هراء” الدستور الجديد ونظرة الرئيس له , والبرهان على أن هذا الدستور “هراء” هو وصف الرئيس له بأنه “هراء” ,وما نشاهده في واقع حياة هذا الدستور ليس الا هراء … لانزال كما كنا مع الدستور القديم , والدستور القديم لم يكن الا ترجمة للرغبات والأعراف والممارسات التي صاغتها بالكثير من التلقائية والعبثية قيادة أتت غصبا عن الشعب وأوصلت البلاد الى ماوصلت اليه غصبا عن الشعب .
القيادة هي ككل القيادات العربية , لاتحب الحقيقة الجارحة ولا التعامل معها ولا سماعها , ومن هذه الحقائق حقيقة التلفيق الايديولوجي البعثي العبثي ..ايديولوجية تعليق الحريات لحين تحرير كيليكيا واسكندرون وفلسطين والجولان , الايديولوجيا تقول ان تعليق الحريات الى أجل غير مسمى هو ضرورة لتحرير الأرض في أجل غير مسمى , والسؤال الذي يجب طرحه الآن لماذا حجب الحريات هو ضرورة لتحرير الأرض , ؟ أليست القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية والعلمية هي الأساس لتحرير الأرض , وهل الحريات هي نقيض لاحراز القوة , لقد تعلمنا على أن الانسان الحر هو الانسان القوي , والانسان المستعبد هو الانسان الضعيف , وهل بالضعف سيتمكن الوطن من تحرير اجزائه السليبة المسروقة , أو أن ضعف الانسان واستبداده هو ضرورة لشيئ آخر , وهذا الشيئ الآخر هو استمرار التسلط ؟؟
لايضاهي صناعة القرار السوري غباء وتخلفا الا صناعة القرار العراقي تحت اشراف الرئيس الضرورة صدام , ولربما يتقدم غباء وتخلف صناعة القرار السوري تخلف وغباء صناعة القرار العراقي أو حتى الليبي , ومن اغبى القرارات السورية وأكثرها تخلفا هو قرار الحل الأمني , الذي توج قرارت عدة , كان من أهمها وضع البلاد في وضع متجمد ديموقراطيا , والايمان بمقدرة أجهزة الأمن الاجهاز على الشعب السوري بشكل كامل , وماهو شعب بدون حريات ؟ انه قطيع من البعير الذي يأتمر حرفيا برغبات السلطة , التي انحدرت الى شكل بدائي من ممارسة السرقات واللصوصية والتعنت والاستبداد وافناء الآخر فيزيائيا ومعنويا وأخلاقيا, فالسياسة السورية الداخلية والخارجية كانت ولا تزال محصلة لقرارات ارتجالية وعبثية، وهي كذلك لأن الذي يصنعها هو شخص وليس مؤسسة , لقد نجحت هذه السياسة في تفصيل مضامينها على قياس الحاكم الفرد , وأخفقت في تفصيل مضامينها على مقاس المصالح العليا للبلاد التي يحكمها هذا الشخص بشكل مطلق , نجحت في تجاهل المعطيات الموضوعية وفي مراعاة التخيلات والهلوسات , والقرار العبثي يأتي دوما بنتائج معكوسة للنتائج التي يريدها الوطن والمواطن .
الحل الأمني لم يكن أول الموبقات , وسوف لن يكن آخرها , فنظرة الى الوراء والى الجار , الى لبنان, تكفي لاكتشاف مواطن العبث السياسي , الذي أخذ , وفي العديد من الحالات , شكلا دمويا ..قتل جنبلاط ..قتل التويني وغيرهم من السياسين والصحفيين , ولا أتذكر كل اسمائهم , كان عبثا اجراميا بحق السياسة السورية , التي عليها الحفاظ على مصالح الوطن السوري , والتي كان لها فعل “مؤسس” لغربة لبنان ولتبادل السفارات والسفراء ولصعود تيار المستقبل , لولا العبث السياسي لكان العلم السوري يرفرف الآن على الجولان , لولا العبث السياسي لقبلت السلطة مقترحات كلينتون في قمة جنيف الأمريكية ـ السورية سنة 2000 بالتخلي عن 300 متر من الجولان لاستعادته, اليس التنازل عن 300 متر أفضل من لعب ورقة حزب الله في الجنوب اللبناني لاسترداد الجولان !!!!,سياسة العبث هي السياسة التي لاتعرف على أنه ليس لمن يفوت فرص السلام الا الاستسلام , سياسة العبث هي السياسة التي فتحت الحدود أمام قوافل الأفغان العرب للتدفق الى العراق , والآن يتدفقون باتجاه معاكس , يفجرون ويقتلون ويدمرون , ألم يفعلوا نفس الشيئ في العراق بمساعدة ومباركة السلطة الأسدية , التي لم تكتف بالعبث بالدستور السوري , بل أرادت توسيع دائرة العبث الى الدستور اللبناني , وماهي فوائد اذلال الدستور اللبناني من أجل تمديد رئاسة الرئيس لحود لثلاثة سنوات أخرى , ,اين هي المصلحة القومية السورية في التدخل بهذا الشكل المعيب في شؤون لبنان , ثم أين هي المصلحة القومية في دعم حكم الاخوان في غزة وفي شطر مابقي من فلسطين وما بقي من فلسطينيين ؟؟ حماس انتقلت أخيرا من الخانة الشيعية الى الخانة السنية , وبدأ الآن تبادل الشتائم , , وما العمل مع مقولة دعم المقاومة الفلسطينية ؟؟أي مقاومة بربكم ؟؟
انسحب العسكر السوري من لبنان بناء على قرار من الأمم المتحدة , وانسحبت المخابرات السورية رسميا(5000 مخابراتي ) , أي ذكرى تحتضنها عقول وقلوب اللبنلنيين عن التواجد السوري هناك لمدة ثلاثين عاما ؟؟هل ذكرى جيدة ؟ أو سيئة , والأرجح سيئة , ومن هو المسؤول عن تصدع العلاقات مع الشعب اللبناني ,؟ هل هي المواطنة نسرين عبود أو الرئيس الأسد ؟؟؟, ولم يتعلموا من كل ذلك !, فما زالت قوافل المخابرات السورية في لبنان تعيث فسادا , ولمصلحة من ؟؟قرارات متردية , من سيئ الى أسوء!
بغض النظر عن التحالف الغير منطقي وغير وطني مع اخونجية حماس , وبغض النظر عن مايسمى “الفياسكو” التي وصل اليه هذا الحلف , تحالفت السلطة التقدمية !العلمانية ! اللاطائفية! مع ملالي طهران أي مع الاخوان الشيعة , وحاولت استبدال العالم كله بأحمدي نجاد ..غريق يسعف غريق آخر , حاولت بغباء لامثيل له وتجاهل أحمق اقامة حلف , ان لم نقل مذهبي , فهو بدون شك ذو بعد مذهبي كبير , بين ايران الشيعية بحوالي 99% من الايرانيين مع سوريا بحوالي 10% من العلويين , وفي عصر تطييف به كل شيئ , لم تسأل السلطة الجاهلة المتجاهلة عن مقاصد أغلبية السوريين , هل يريدون حلفا مع الشيعة ؟؟ أو انهم يريدون احلافا أخرى , واذا كان الخيار الشيعي حقا للأسد ونجاد , فلماذا لايمثل الخيار السني حقا لغيرهم , وحتى هذا السؤال البسيط لم يخطر على بال السلطة البالية .
السلطة البالية لم تتعلم من صدام والقذافي مايستحق الذكر , امتطت صهوة جواد “المؤامرة” وعكفت على الحديث عن المتآمرين , حديث اثبتت قصة صدام وقصة القذافي هذيانه , وأظهرت قصة الاثنين نتائجه , في المجرور وفي الوكر انتهى الزعيمان وانتهت معهم أطول قصص الجنون والهذيان والضلال العربي , السلطة لم تدرك على أن السير في طريقهم سيوصل الى نهايتهم , التي لا اريدها الى اي انسان , وذلك بغض النظر عن اجرامه وسوء أفعاله ..الا أن التاريخ لايرحم العبث والعابثين ..لقد كانت هناك فرص جيدة لرأس السلطة أن يختار بين القذافي وصدام وشاوشيسكو وكيم جونج أيل وغورباتشوف , ولم يقع خياره على الأخير للأسف