السفر ممنوع , لماذا ؟

صعقني  خبر منع  الذكور السوريين  بين عمر 18 و42سنة من العمر  من السفر الى خارج البلاد  الا بموافقة  أمنية  , ولم يقل القرار شيئا عن موجبات ذلك المنع , وبالرغم من  الاعتياد على قرارات منع السفر الفردية , والتي   تطال عشرات الألوف من الأفراد السوريين  ,والتي  يتم تبريرها  بمبررات   مؤلمة  وواهية  ومضحكة أحيانا ,  فان المواطن السوري  يسأل عن الموجبات  ,  ويسأل عن دلالات هذا المنع  , هذه الدلالات , التي هي , في أحسن الأحوال,  من أسوء مايمكن لانسان أن يتصوره ,  وما يمكن تصوره من دلالات هو التالي :

1- الدلالة الأولى  , يمكن استنساخ هذه الدلالة من ممارسات ماضية   في مضمار قانون الطوارئ , الذي لم يلغ  وانما علق العمل به(نظريا) ,  ومنع من هذا النوع كان وسيلة تنتهجها السلطة  عندما  تريد السلطة القيام  بما يسمى “التعبئة العامة ” في حالة الحروب وغير ذلك  , وفي حالة الحرب مع الشعب  تتواجد السلطة الآن حقيقة   , وفي سياق هذه الحرب  انتصرت على بابا عمرو   وعلى  الكثير من  القرى والأحياء والمدن السورية  , الا  انها فشلت  سياسيا  وأخلاقيا وقانونيا , فالهجوم على  الأحياء السكنية  وتهديمها  قاد الى  انهيال العقوبات العالمية على السلطة  , والى تجريمها  من قبل المؤسسات الدولية  والى التخطيط  على وضع السلطة أمام  القضاء الدولي في محكمة الجنايات الدولية .

هناك فرق بين  “اسقاط ” السلطة  وبين “سقوطها”  السلطة لم تسقط  اداريا ,  وبيدها الكثير من البنادق والدبابات التي تحيط بالقصور ومؤسسات المخابرات  , وهي مستعدة لاطلاق النار على  كل معارض  , الا أن  سقوط السلطة   هو أمر آخر , فالسقوط مدوي   , وهو  اعتباري  أخلاقي  , وهنا لاتنفع البندقية  والدبابة اطلاقا , اذ أن من يرى القصف المدفعي  وانهيار المنازل على رؤوس سكانها  يصل  الى النتيجة التي وصل اليها  أسعد أبو خليل  ..نظام لايستحق  أن يستمر  يوما واحدا, ان  هذا هو  قرار اعدام  يرتكز على  درجة لاتوصف من الاحتقار للسلطة , وعلى درجة لاتوصف من تجريم السلطة .

2- الدلالة الثانية  , هي الدلالة التي  روجت اليها بعض وسائل الاعلام, وهذه الدلالة تقول  على ان السلطة تريد  الحد من خروج “المعارضة ” الى الخارج , تريد أن تبقى المعارضة  تحت السيطرة والاشراف  , وذلك للحد من “الشرشحة ”  , ولا أعرف مدى  صحة هذه الفرضية  , الال أن هذه الفرضية تتضمن  اتهاما خطيرا للسلطة  , والاتهام هو انها  حولت البلاد الى سجن كبير   , وأين هو  العجب  من  موضوع السجن الكبير  , فالبلاد موجودة منذ  أربعين عاما  في هذا السجن .

3- الدلالة الثالثة :  منع السفر  هو محاولة  للحفاظ على  الوقود البشري لنيران الحرب الأهلية  , فهذه الفئة بين 18 و 42  قادرة على حمل السلاح  , والسؤال  هو : ضد من ستحمل هذه الفئة من البشر السلاح في اطار الخدمة الالزامية  ؟  هل خدمة العلم  هي ترجمة  لخدمة الأسد ؟ , وهل الانخراط المشرف  في الجيش السوري هو ترجمة للانخراط  المذل  في كتائب الأسد  ؟ والخدمة الالزامية  للجميع  هي قاعدة  لتوحيد  الشعب  وممارسة لشرف الدفاع عنه  , وهل لخدمة الكتائب نفس المدلول  ؟؟, وهل  يمكن العتب على مواطن سوري   عندما يقول  : ان الجيش  الملزمين بالانخراط به  تحول الى عصابة  لانريد الانخراط بها , هل تهديم البيوت على رؤوس سكانها  في ادلب وحماه وحمص  ودير الزور ودرعا ودمشق  وحلب  ..الخ  هو جزء من  حماية الوطن  ضد أعدائه ؟؟ , او أنه عمل  قذر  يقوم به أعداء الوطن ؟ , وهل الانصياع الى الأوامر بالالتحاق  بالوحدات المحاربة  هو  عمل وطني ؟؟؟, أليس من واجب  المواطن  أن يشك  بشيئ  ما أوأن يرفض  شيئا ما , خاصة  عندما لايتوافق هذا الشيئ مع  قناعاته  , وهل الحرية تعني الانصياع لأوامر التقتيل ؟؟  وحتى في اسرائيل   هناك من يرفض الخدمة في الجيش , عندما يعتقد  هذا على ان الجيش  لايقوم بعمل  حق , أو انه  يقوم بعمل عدواني , الا يجب على المواطن السوري رفض  قصف المدن والققرى والأحياء  بالدبابات والطائرات ؟؟؟ ثم أخيرا ,  أليسس من المفجع  أن يتفقد رئيس الدولة بابا عمرو  ويتأكد  من تحوله الى أنقاض  ,ويعد   بأن بابا عمرو سيصبح أفضل من الماضي …والأموات ياسيادة الرئيس !!!

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *