هذا كان سؤال الصحفي أبي حسن في موقع
فينكس ,حيث قال الصحفي , ان هذا المسلك
ليس من أدبيات الطائفة العلوية, راهنا
وتاريخيا , وليس من شيمها وثقافتها
الروحية ذبح نظيرها في الخلق حيا ,
والصحفي قال في اجابته على هذا السؤال ,
ان القتلة لايمثلون الا أنفسهم , الا
أنه لم يقل على انه لكل طائفة مجريميها
وقتلتها , والصحفي أبقى الانطباع قائما ,
على أن القتلة مستوطنون في الطوائف
الأخرى حصرا , والطائفة العلوية خالية
من هؤلاء القتلة والمجرمين , وبذلك حاول
الصحفي التوصل الى هدفه , ألا وهو انتاج
صيغة تفاضلية بين الطوائف , من شأنها
حتميا اشعال نار حروب طائفية , وعدم
ادراك ذلك من قبل الكاتب لايبرر
مساهمته في اشعال هذه النار , أو أنه
يدرك ذلك ويقوم به عامدا متعمدا ا ,
وبذلك يساهم في اشعال نار الحرب
الطائفية ….عمل ليس له من جواب الا جواب
القضاء في دولة لاتريد الانزلاق في
الحروب الطائفية …عمل يعاقب عليه
القانون أولا ولا شأن للفكر والنقاش به
..عمل مؤسف واجرامي , ولم يكن له أن
يكون!!!!!!
الكاتب يدعي , ان البعض من الذين يلتقي
بهم من أبناء هذه الطائفة يطرح السؤال
التالي: “لماذا لانحمل السلاح وندافع عن
أنفسنا باعتبار أن المستهدف هو الطائفة
العلويّة وليس النظام كما بينت الأحداث
ودلت الوقائع منذ اليوم الأول؟”, ولا
يتردد بعض محدثيّه عن الإسهاب في الكلام
عن كيفية استرخاص دماء العلويين على
أيدي التنظيمات الإرهابية ورعاتها من
معارضي الداخل والخارج عدا دول الخليج
العربي, وهنا يقول الكاتب ..الأصح الخليج
الفارسي تاريخيا ..ثم من قبل كلنا شركاء
ولا يستثني جمعيات حقوق الإنسان
السورية التي يعتبرها الأكثر من
طائفيّة(مثال المنظمتين المسمتين
بالوطنية والعربية لحقوق الإنسان وكذلك
المرصد السوري) التي تتجاهل بمجموعها عن
سابق إصرار وتعمّد كل الشهداء
المدنيين(والعسكريين) المنحدرين من
الطائفة العلويّة الذين قتلوا بطرق
شنيعة غاية في البربرية والهمجية, إذ تم
التمثيل بجثث معظمهم على أيدي بعض
جزّار”الثورة” ووحوشها, وقد فاق عدد
أولئك الشهداء الألف! لربما لايستطيع
الكاتب الانطلاق الا من منطق طائفي ساذج
وضيق , وقد كان شخصيا من المعارضة
والمعارضين , فماذا يعارض السيد أبي حسن
؟؟يعارض الفساد وسوء الادارة والظلم
والاستبداد على حد ادعائه , ولم يعارض
الطائفة العلوية بكل تأكيد , فهدف
الثورة ليس معارضة الطائفة العلوية
مبدئيا , وانما هدفها ينحصر في ازالة
الظلم والاستبداد , اما عندما تضع طائفة
ما نفسها بأكثريتها في خدمة الظلم
ولاستبدلد , فمن المنطقي أن تصبح هذه
الطائفة هدفا للمعمل المعارض , الذي
يتكون من عدة أطياف ..فهناك الطيف
العسكري , وهناك الطيف المدني ,وهناك
الطيف الصامت …الخ , ولا يتميز الطيف
المعسكر فب عنفه ووحشيته عن عنف ووحشية
السلطة , التي جندت الطائفة في خدمتها ,
وتحاول تجنيد طوائف أخرى ..ان السلطة
تبحث عن المرتزقة من كل لون وطائفة ,
السلطة عموما ليست طائفية , وانما
استغلت الطائفة العلوية في سبيل تحقيق
حمايتها , وما يسيب السيد سيصيب عبده ..
ان كان عنفا أو قتلا أو معارضة مدنية أو
غير ذلك . لم ينحصر الاضرار بالطائفة
من خلال استخدامها في حماية السلطة ,
وبالتالي تعريضها الى ماتتعرض له
السلطة من اعمال انقادية وانتقامية ومن
معارضة , انما يحاول البعض من الذين
يدعون حماية الطائفة , تعريض الطائفة
الى الأضرار , وذلك من خلال ممارسة
التهويش والتهميش , الذي يتم من خلال
انتاج صيغة تفاضلية …الطائفة أفضل من
غيرها !!! الطائفة تستحق أكثر من غيرها
!!!أالخ , وهنا يستطرد الكاتب بسرد
تاريخي لما لاقته الطائفة من ظلم ,
وكأنه يحق للمظلوم أن يصبح ظالم , الكاتب
يقول : “دعونا نستطرد بغية القول: كثيرة
هي المجازر الجماعية التي عرفها
العلويون عبر تاريخهم الطويل وكأن هناك
اتفاقاً ضمنياً شبه جمعي على معاداتهم
ومحاربتهم وذبحهم والتمثيل بجثث
موتاهم! والمؤلم أنهم –أي العلويون-
يخجلون من الحديث عن أي مجزرة من تلك
المجازر التي عرفوها عبر هذا التاريخ
المجبول بالدماء! كأن الحديث عنها عيب
في حين إحياء اليهود للهلوكوست وإحياء
الأرمن لذكرى المجازر التي قام بها
أجداد رجب طيب أردوغان بحقهم لاتعيب
أحداً مع أنها وصمة عار على جبين مرتكب
تلك المجازر! علماً أن أجداد أردوغان
فظّعوا بحق العلويين إلى درجة خصّوهم
وحدهم من بين عباد الله بالخوازيق.. ولو
كان هناك وعي وطني كما ينبغي لطالبت
سوريا بتعويضات من تركيا كما تأخذ
إسرائيل تعويضات من ألمانيا!
غني عن البيان أنه قبل دخول الاحتلال
العثماني إلى سوريا كانت غالبية مناطق
الشمال السوري تنتمي إلى الطائفة
العلويّة النصيريّة, حتى أن الشيخ علي
الصويري(القرن السابع الهجري) يذكر في
تغريبته بلدة سرمين(في محافظة إدلب) كما
يذكرها الرحّالة العربي التكفيري(2) ابن
بطوطة في رحلته مشيرا إلى علويتها(1).
والأمر ذاته كان في الشرق السوري من
قبيل منطقة عانة العراقية(كائنة بين هيت
والرقة) التي نبغ فيها الشاعر والفيلسوف
الصوفي العلوي المنتجب العاني(330ه- 400ه),
وقل الأمر ذاته في عرب البكارة الأشراف
المنتمين نسباً إلى آل البيت وتحديداً
إلى الإمام محمد الباقر ومن هنا أتت
تسميتهم بـ”البكارة”(هل هذه المعلومة
تزعج الإرهابي الدولي الأول عبد الله بن
عبد العزيز ملك مملكة القهر وعصاباته في
سوريّا؟), وكذلك كانت الحال في بانياس
الشام(المنحدر منها الفيلسوف العلوي
العماد الغسّاني المعروف بالشيخ أحمد
قرفيص) وطبرية في عهد الأمير بدر بن عمار
المعاصر لسيف الدولة الحمداني والممدوح
– بدر بن عمار- بأكثر من قصيدة من
المتنبي, وهي الحال ذاتها في حماه زمن
أبي الفداء(1273م- 1331م), وبما أن الشيء
بالشيء يذكر لابأس أن نفيد أن طرابلس
الشام كانت كذلك زمن الأمير رائق
الغساني, ونزيد لنقول إن جسر الشغور
التي ارتكب بعض المجرمين فيها مجازر
جماعية بحق قوى الأمن كانت قبل أقل من
مائة عام(على عهدة صاحب “تاريخ العلويين”
محمد غالب الطويل, ومحمد سليم الجندي
صاحب كتاب تاريخ معرة النعمان) تنتمي
إلى الطائفة العلويّة ثمّ غيرت مذهبها
في أواخر العهد العثماني تحت ضربات
السيف .. الخ, إذاً ماذكرناه هو عدا أنه
يشير إلى وجود معاداة شبه جماعية
وتاريخية للعلويين تستهدفهم ككيان
اجتماعي وكثقافة روحية تربأ بنفسها عن
التمثيل بالجثث وذبح نظرائها في الخلق
ذبح النعاج كما يفعل بعض برابرة “ثورة”
هذه الأيام, كذلك يحيلنا إلى نقطة غاية
في الأهمية, وهذه النقطة نرجو من علماء
الاجتماع أن يولوها كثير العناية
والجدية, ألا وهي إن المناطق(وحتى
العائلات, كما سنشير لاحقاً) التي كانت
علويّة ثم غيّرت مذهبها الديني صارت من
أكثر المناطق تشدداً وتطرفاً دينياً في
سوريا ولبنان حتى لو مضى على ذلك
التغيير مئات السنين! ولنا أن نقارن
المناطق التي ذكرناها أعلاه بأُمنا
دمشق التي لم تغيّر مذهبها الديني مذ
دخلها الإسلام, ترى هل هذا ما يفسّر لنا
أن إسلام دمشق وسكانها الأصليين وبعض
ريفها من قبيل القلمون(قبل أن تتلوث بعض
مناطقه بالفكر الوهابي الإجرامي) هو
الإسلام الأكثر تسامحاً واعتدالاً
وقبولاً للآخر المختلف والخالي من
العنف عبر التاريخ وعلى مستوى العالم؟
أقول هي نقطة جديرة بالدراسة وتحتاج إلى
جهد من علماء الاجتماع.
من جانب آخر, إن قدرة المحتلين من
عثمانيين وسواهم على تغيير الطريقة
الدينية للكثير من العلويين في المناطق
التي ذكرناها, يؤكد لنا أن العلويين لم
يمتهنوا جز الرقاب وبقر البطون والقتل
على الهويّة والتمثيل بالجثث, لا بل
أكثر من ذلك, إذ هو يشير من جملة مايشير
إلى إيمان العلويين بحق الاختلاف, وإلا
لما كان من السهولة بمكان أن يتم ذلك
التغيير الذي تطرقنا إليه!
لماذا كان السرد التاريخي أعلاه؟ أحد
أسبابه تكمن في مخاوفنا من أن أي محاولة
للقضاء على الطائفة العلويّة بأي طريقة
من الطرق بما فيها الطرق الناعمة
(التسنين والتشيّع من خلال التمويل
الخارجي كما كنا أشرنا إلى ذلك في عدد من
المقالات السابقة) سيكون من شأنه أن
يجعل من غالبية أبناء الطائفة المنفتحة
والمتحررة والمقبلة على الحياة عبارة
عن مشاريع طالبانيّة جديدة في سوريا,
ولنا في قندهار سوريا خير مثال, من دون
أن نعمم, وكذلك في بعض العائلات التي
غيّرت مذهبها أو طريقتها الدينية.
هل نذكر بعض المجازر الجماعية
التاريخية الكبرى بحق العلويين؟ في
إحدى محطاته عن العلويين(النصيريين)
يتباهي ابن بطوطة بأنه تم قتل عشرين
ألفاً منهم(في قضاء مدينة جبلة
الساحلية) في عهد الملك الجزّار الناصر,
وترك البقية منهم ليس رحمة منه بحسب قول
ابن بطوطة بل كي يبقوا عمالاً لدى أبناء
ملّته في حراثة الأراضي! تصور يارعاك
الله! لمزيد من الاطلاع على عدد من
المجازر التاريخية التي ارتكبت بحق
العلويين أحيل المهتم إلى كتاب (“هويتي
من أكون؟! في الطائفية والاثنية
السوريتين”).
يغرق المحدثون الذين أقابلهم من أبناء
الطائفة العلويّة في سرد الأمثلة
الدالة على استهداف الطائفة ككيان
اجتماعي وثقافي, وهو في ما يبدو استهداف
منظّم ومبرمج , ويتم بوحشية وبربرية لم
يعرف لها التاريخ مثيلاً منذ حكم سلاطين
بني عثمان(أجداد صديقنا أردوغان) ومن
قبلهم وحشية أعراب الصحراء الغزاة. وإذا
ماكنت تحدّث علوياً في الساحل فسرعان
ماسيذكر لك أحداث بانياس والشعارات
والممارسات الطائفيّة التي كان يعايشها
العلويون منذ اليوم الأول للتظاهرات في
آذار المنصرم, فبخصوص الشعارات كان
أقلّها: “العلوي ع التابوت والمسيحي
لبيروت”, وبدنا نحكي ع المكشوف علوي
مابدنا نشوف”, أما على صعيد الممارسات
الطائفية فمن الصعب أن تنمحي من ذاكرة
من يحدثونك طريقة قتل الشهيد نضال جنود
وهو مزارع من سهل عكار قصد بانياس كي
يبيع خضاره لدى التاجر أحمد حنوف(والد
الشهيد نضال يحمّل مسؤولية قتل ابنه
لأحمد حنوف الذي مايزال هارباً) وماتبعه
من ممارسات طائفيّة بغيضة من قبل
مايُسمى “ثوار” بانياس وهم في حقيقة
الأمر في أغلبهم بلطجية وشبيحة على غرار
الشبيح “الحقوقي” أسامة سليمان المتخفي
خلف اسم رامي عبد الرحمن.
من نافلة القول إن علويين عدة شاركوا في
مظاهرات بانياس في بدايتها, لكن سرعان
ما انفضوا عنها من بعد لمسهم ومعايشتهم
لطائفيتها وهمجيتها والشيء نفسه جرى في
حمص, وغالبية المشاركين من خلفيّة
علويّة كانوا من أحزاب شيوعية وناصرية..
الخ.
طبعاً, تفيض ذاكرة العلويين الجديدة
بأعداد الشهداء المدنيين(والعسكريين)
الذين قضوا نحبهم على يد تلك العصابات
المجرمة, وما يزيد من حرقة من يحدثك أن
القاتل هو ابن بلدك وإن من يتجاهل شهيدك
وطريقة استشهاده يكون عادة من يفترض أنه
مدافع عن حقوقك بصفتك إنساناً! بيد أنه
من غير المسموح الاعتراف بالعلوي
إنساناً في ظل ثورة البرابرة هذه
ومنظماتها “الحقوقية”, لابل إن السيد
أسامة سليمان الذي كان لنا وقفة سابقة
معه يسمي في بيانات مرصده الطائفي
المواطن من خلفية علويّة بـ”شبيح
للنظام”, على مايبدو أن السيد أسامة
مازال في داخله ذلك الشبيح الذي كانه في
بانياس عندما كان بلطجياً يقوم بترويع
زملائه وأقرانه في ثانوية حسن طراف,
فتوهم أن جميع مخالفيه هم شبيحة, وطبعاً
لامجال لمناقشته, إذ سقفه التعليمي ثالث
إعدادي, وثقافته شوارعجية.
لا أحد يعرف بالضبط ممن يروي لك من
العلويين كم هو عدد قتلاهم في مدينة حمص
منذ المظاهرة الأولى التي تم فيها حرق
نادي الضباط في المدينة وقتل حارسه كونه
من خلفيّة علويّة(لمن يعنيه الأمر,
يمكنه أن يسأل ياسين الحاج صالح عن اسم
ذلك الشهيد, فالمعروف أن ياسين يحفظ
أسماء الجمع كلها), وفي جمعة أحفاد خالد
قام بعض الأحفاد بالتمثيل بعدد من جثث
العلويين وسواهم من مواطنين من خلفيات
دينية متعددة, طبعاً من بعد ذبحهم
أحياء.. يا الهي! من أي طينة ولد أولئك
المجرمون كي يقوى قلبهم على ذبح الإنسان
بمثل هذه الوحشية؟! طبعاً, لاجواب.. من
الوارد أن يكون لدى ياسين الحاج صالح
وأمثاله أجوبة على سرّ تلك الوحشية.
اصطحبتُ ذات مرة معي المعارض عماد يوسف
للقيام بواجب العزاء لدى بعض أسر
الشهداء المدنيين الذين قضوا نحبهم
ذبحاً على يد رجالات “الثورة”, والد أحد
الشهداء قال لنا فيما الحزن والآسى
يعتصران فؤاده: “لستُ عاجزاً عن قطع
الطريق الدولي, ولستُ عاجزاً عن الثأر
لدماء ولدي, فلديّ ثلاثمائة مسلح رهن
إشارتي, لكن لا أريد ذلك. أعتبرُ ابني
فداء للوطن”.
وصل إلى مسامع الكثير من أبناء الطائفة
العلويّة بعض مضامين الحوارات التي قام
فيها مسؤولون رسميون مع وجهاء مدينة حمص
بمن في ذلك بعض المتطرفين الإسلاميين من
قبيل الإرهابي الدولي محمد الدبدوب
وصنوه, وعلى عهدة الرواة أن الطلب الأول
الذي تقدم به بعض قادة “الثورة” في حمص
للمسؤولين هناك هو أنهم لايريدون
علويين في المدينة! لعلنا نتذكر هنا
البيان الثاني للعالم الجهبذ فراس
السواح الذي أشار فيه مبكّراً إلى تلك
الممارسات الطائفية محذراً منها, فكانت
النتيجة أن كاد يكفّره مثقفو “الثورة”
العلماني منهم قبل الأصولي!
يدرك العلويون جيداً أن هناك من يريد
جرهم وجرّ الوطن إلى حرب أهلية يربأون
كما تربأ الغالبية العظمى من السوريين
الانجرار إليها, ويحدثك بعض من تلتقيهم
من العلويين إلى بعض أهلنا من السُنّة
الذين هربوا من مدينتي حمص وحماه لاجئين
إلى طرطوس ومشتى الحلو من بعد أن عاثت
العصابات الإرهابيّة المسلحة(التي تحظى
بمباركة حزب الشعب السلفي السوري- رهط
رياض الترك) إرهاباً في تينك المدينتين؛
ويضيف مُحدثك القول: إن مسجد السرجاوي
في مدينة حماه الذي كان موئلاً
للإرهابيين طوال الفترة الماضية كان
للطائفة العلويّة قبل أن يتم تهجير
أبنائها من مدينة حماه على خلفية أحداث
ثمانينات القرن الماضي(هل يعلم الكثير
من أبناء سوريّا اليوم أنه تم تهجير
مئات العائلات العلويّة من مدينة حماه
على يد العصابات التي كان يقودها
الإرهابي الدولي الراحل مروان حديد
وبذلك استولى على المسجد؟ ولانستبعد أن
يكون أصل حديد هذا علوياً, وباعتبار أن
من يبدّل دينه يصبح ملكياً أكثر من
الملك, ربما هذا مايفسّر لنا الوحشية
التي تفرد بها حديد).. أحد الشباب
العلويين الذين نلتقيهم في قضاء
جبلة(قرية برازين) يفيدنا بالقول: “إن آل
السباعي في حمص ألتقي وإياهم في الجد
الخامس, هاجروا من القرية منذ قرابة
المائتي عام أو أقل, كان الأجداد
يتواصلون مع بعضهم, ثم انقطع تواصلهم
معنا.. “, بعد لحظة صمت يضيف وهو يبتسم:
“لقد أنجبوا فيما بعد مصطفى السباعي
مؤسس الاخوان المسلمين في سوريا في
النصف الأول من القرن الماضي”, نعم إن
أصولهم من حيث قال ذلك الشاب, وأبناء
عمومهم في برازين هم آل الصالح وآل
سلمان, وكُنوا بالسباعي لسكناهم في باب
السباع بحمص.
عندما تسأل من تلتقيه من وجهائهم, هل
تعتقد أن الطائفة ستضطر إلى حمل السلاح
وقطع الطرق ممارسة القتل على الهويّة
كما يفعل بعض الآخرين؟ يصمتُ هنيهة قبل
أن يجيبك: “حاشى لله أن تكون الأمة التي
أنجب رحمها أفذاذاً من قبيل الأمير عبد
القادر الجزائري والإمام محمد عبده
والعلاّمة عبد الله العلايلي والشيخ
أحمد كفتارو وأمثالهم الكثير الكثير
مختزلة في تصرفات وأفعال بعض الشاذين
الذين لايعبرون سوى عن أنفسهم”.
فيما يقول آخرون من عوام الناس: “للصبر
حدود”.
ختاماً: سبق أن قال كاتب هذه السطور, منذ
قرابة العامين, على سبيل المفاكهة لأحد
المسؤولين السوريين: إن العلويين هم شرف
العروبة, الآن أقول وأنا في كامل
القناعة إن هذه العروبة لم تعد تلزم
أحداً على الإطلاق في سوريّا, دعونا
نزكها لأعراب الخليج الفارسي(تسمية
الخليج بالفارسي ترد في كتاب الشخصية
المحمديّة لمعروف الرصافي ومنه
استقيناها)
هوامش
(1)- يقول ابن بطوطة عن سرمين: “وأهلها
سبّابون يبغضون العشرة. ومن العجب: أنهم
لايذكرون لفظ العشرة, وينادي سماسرتهم
بالأسواق على السلع, فإذا بلغوا إلى
العشرة قالوا: تسعة وواحد”, لكن جهل ابن
بطوطة بأدبيات العلويين لم يسعفه بأن
المقصود بالسب هو سب التسعة الرهط
المذكورين في القرآن والبراءة منهم
والواحد هو السلطان الجائر, وجمعهم بهذه
الطريقة كانت إشارة تعارف وفق مقتضيات
ذلك الزمن. في السياق ذاته سبق أن استشهد
العلاّمة محمد كرد علي في خطط الشام(في
مايخصّ الطائفة النصيرية) بابن بطوطة من
دون أن يقوم بانتقاده وهو العالم
النحرير, وكذلك استشهد به المدعو أبو
موسى الحريري(اسمه الحقيقي: الأب جوزف
قزي) في كتابه “العلويون النصيريون”, وإن
كنا نتفهّم ألاّ يقوم الأب جوزف قزّي
بنقد ابن بطوطة, بيد أننا لم نتفهّم موقف
العلاّمة كرد علي.
(2) نقول عن ابن بطوطة أنه تكفيري كونه
كفّر في رحلته المعروفة كل من خالفه
المعتقد.
-دخل أبو الفداء الطريقة العلويّة على
يد جماعة صوفيّة عُرفت برجال الدعوة,
وهذه التسمية أتت كون الله استجاب
لدعائها فهطل المطر بعد طول انحباس, ذلك
وفقاً لبعض أدبيات العلويين, ومن أولئك
الرجال الشيخ حاتم الطوباني والشيخ
غريب القطرية والشيخ إبراهيم الطرطوسي..
الخ.”
السرد التاريخي الذي قام به الكاتب له
أهداف واضحة , منها البرهان على أن
الطائفة تعرضت تاريخيا للظلم , وهذا
أمر حقيقي , ولا خلاف حوله اطلاقا , الا
أنه ليس من المنطقي الانخراط في دورة
معيبة , هدفها تحويل المظلوم الى ظالم ,
ومن ثم المظلوم الى ظالم وهلم جر … ,
بحيث يبقى المجتمع خاضعا الى صيغة
المظلوم والظالم , الهدف السامي هو
تحقيق العدالة الاجتماعية وازالة الظلم
ومعاقبة الظالم , ومن الأهداف الأخرى
التي سعى الكاتب الى الوصول اليها
تجريم الآخر عن طريق اذابة الثورة في
مرجل الطائفية , واختذالها الى عملية
ثأر مبتذلة لا هدف لها الا الانتقام من
طائفة معينة , متناسيا على أن التأزم
الطائفي ليس من صنع الثورة , وانما كان
التأزم الطائفي أحد أهم اسبابها , ومن
معالم هذا التأزم الطائفي احتكار
السلطة بصيغة طائفية للكثير من مرافق
الدولة , ومن أهم هذه المرافق هو الجيش ,
اذ أن قيادة الجيش تتألف لحوالي ٩٠٪ من
ضباط ينتمون الى طاائفة واحدة معينة ,
وعندما تقع الواقعة ويتخاصم الجيش
السلطوي مع الشعب ويحدث القتل وممارسة
العنف , فمن الطبيعي أن يتعرض أطراف
النزاع الى القتل والعنف , لم يمارس
الجيش وقياداته الحيادية التي مارسها
الجيش التونسي أو حتى الجيش المصري ,
وبذلك حشرت السلطة الجيش في مأزق اخلاقي
تاريخي ,طيفته وأخضعته الى مآربها
وحولته من الجيش السوري الى كتآئب الأسد
كما حولت سوريا الى سوريا الأسد …انه
أحد أـكبر الأخطاء التاريخية
والأخلاقية , والتي ستقود الى هزيمة
الوطن أمام مسؤولية صناعة التاريخ ,
والتي لايمكن لها أن تكون صناعة جيدة ,
الا بممارسة العدالة الاجتماعية , التي
تفتقر السلطة بشكل فاضح الى ممارستها
..السلطة جرجرت الكثير من المرتزقة الى
خدمتها , والتاريخ سيعاقب كل مرتزق لما
جنته يداه ..بدون أي استثناء ..شخصا أو
طائفة ..أو حزبا أو عائلة ..وهذا مايجب
على الكاتب الكريم التأكد منه ..انها
حتمية التاريخ التي لاترحم …