بين بداوة “السلفيين” وربطة عنق “الاخوان”
شكل سقوط حسني مبارك صدمة إيجابية لدى معظم الشعب المصري في نسبة تجاوزت 99% ليس على مقياس الإنتخابات المصرية ابان حكم مبارك،بل وفق المقياس الحقيقي المستمد من نبض الشارع الذي وصل الى حدّ الإختناق من النظام الأكثر فساداً و إفساداً في التاريخ الحديث لأرض الكنانة.خاصة ان الطبقة المستفيدة من مبارك ونظامه لا تتجاوز النصف بالمئة من بلد المئة مليون نسمة.لذا لم تشكل تلك الطبقة سداً امام المدّ الجارف على النظام غير المُبارك فيه شعبياً.
وبعيداً عن المجلس العسكري وادائه في تسيير امور البلاد.وقريباً من الإنتخابات بدورتها الأولى التي جاء فوز “الأخوان المسلمين” باغلبية المقاعد امراً متوقعاً ولو غير مرغوب به لدى المزاج المدني المصري الذي يفتقد الى احزاب منظمة قادرة على تقطير ذاك الرفض في قالب إنتخابي.
وابعد من الإنتخابات بمرحلتها الثانية والتي اظهرت تقدماً للتيار السلفي على حساب الإخوان ومرشحيهم.
فالاخوان لم ينالو اكثر من 23% من اصوات المقترعين اي ما يشكل حوالي 16% من المصريين،الا انهم تمكنوا من نيل اغلبية واسعة بفضل غياب القوى المنظمة مقابلهم،وتشتت اصوات الخصوم.فيما سلم القسم الباقي من الشعب بالأمر الواقع المسمى اليوم “قضاء الله وقدره”.
لكن المفاجئة جاءت بصعود نجم الحركة السلفية في صناديق الإقتراع.حيث تحولت الى القوة الثانية في مجلس الشعب القادم،والقوة التجيرية الصلبة الاولى على المستوى العام.خاصة ان “الاخوان” كان لديهم هامش من التحالفات الجانبية على عكس “السلفيين” الذين خاضوا الإنتخابات بما تيسر من فتاوى و بترودولار.
وعلى عكس “النفاق” الذي مارسه “الأخوان” عبر الشاشات والفضائيات والمشاريع الإنتخابية .جاء لسان “السلفيين” أكثر مصارحة مع انفسهم والآخرين،فتكلموا عن خيار الجزية او الرحيل على من اسموهم “المشركين” من اخوانهم المفترضين من حملة الهوية المصرية. وجاهروا بضرورة إستحداث شرطة على شاكلة “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” السعودية،وضرورة اعتقال مرتديات البحر الاحمر او النيل بالمايوهات دون ان تقتصر مهامها على المصريات،بل وصولاً إلى الأجنبيات السائحات.
واعتقد المصريين ان قمة البداوة السلفية حين اقدم اميرهم ابو اسماعيل (مرشح الرئاسة) نيته الترشح لرئاسة مصر بناء على رؤيا اتته في الحلم يدعوه فيها الله لنجدة مصر (ولنا في سلفه غير الصالح بوش حلماً ومحاكاة مماثلة).
وفي الشكل إستمر السلفييون في طقوسهم البدوية الغريبة عن المجتمع المصري ذي الجذور الفرعونية.فكانت الساعة فى الساعد الأيمن لأن الكفرة يلبسونها فى الأيسر، واللحى الطويلة المنتشرة كالعشوئيات على الوجوه العابسة.
اما الأخوان المسلمين فكان تمايزهم اولاً في الشكل حيث حضرت ربطة العنق،واضافوا اليها صفات اكاديمية براقة “دكتور” مما يدفع بالمزيد من الإبهار عبر الفضائيات التي اجادوا اللعب على اوتارها.
بل ذهب الاخوان الى حدّ التمييز بين القوانين الوضعية وتلك السماوية.وصولاً الى تبرير إتفاقية “كامب ديفيد” وملحقاتها.
اما في المضمون،فلنا مع الأخوان تتمة ليس على الساحة المصرية.بل على مستوى العالم العربي كله من النهضة في تونس بوابة المغرب العربي الى اخوان الشام..دون ان ننسى اخوان لبنان الغارقين في البحر الازرق.
سالم زهران