هل قررت الإستخبارات السورية أن تنتحر؟!

بعد التحليل الفذ الذي قدمته السيدة نسرين عبود عن تفجيري دمشق والذي يكشف ضحالة سياسية وفكرية عميقة و حس وطني شبه معدوم  وروح انتقامية ملوثة ومتورمة بحقد و قصر نظر خطير وعمى بصر وبصيرة والذي لم يخل من موشحاتها “المعهودة” -بالدال طبعا – عن الفساد والإفساد و غيرهما مما لا تمل في تكراره على نحو ما نعرفه بالمطلق -رجلا كان أم أمرأة – في وقت يواجه فيه الوطن السوري أزمة وجودية أمام الأطلسي والتركي العثماني الجديد والعربي الرجعي المعهور بولاء لأمريكا واسرائيل – أزمة غوغائية اعلامية تقوم على اسس الحرب السرية والمخابراتية والاعلامية المعهورة  بين غوغائية الرعاع و لؤم الضباع وجدت أن أقدم هذه المقالة للقراءة على أمل أن توازن السم الزعاف الذي أتحفتنا به السيدة عبود المحترمة. 

هل قررت الإستخبارات السورية أن تنتحر؟! 

نادر عزالدين

كلنا نعلم بأن النظام السوري قائم على ركيزة أساسية وهي الأجهزة الأمنية، وفي طليعة هذه الأجهزة هو جهاز أمن الدولة أو “الاستخبارات”، وقد لعبت هذه الركيزة دوراً أساسياً في صمود هذا النظام الممانع وتصديه للمؤامرة التي تستهدفه منذ حوالي 10 أشهر، وهذا لا يخفف طبعاً من أهمية وقوف الغالبية الساحقة من الشعب السوري بكافة طوائفه إلى جانب نظام الرئيس بشار الأسد، والدور الذي لعبه الشعب السوري في التصدي لهذا العدوان الخارجي.

ومنذ بداية الأحداث في سورية والجهات السياسية المتحكمة بالإعلام العربي والدولي تدعي بأن ما يحدث هو تحرك سلمي للمطالبة بالحرية والديموقراطية، واستخدمت كافة الوسائل المشروعة والغير مشروعة حتى تقنع الناس بصحة طرحها. حتى أنها أنكرت بشكل تام وجود مسلحين يقتلون ويذبحون القوى الأمنية والمدنيين وينفذون عمليات تخريبية في سورية، وعندما فضح هؤلاء، ادعت بأنهم جنود منشقون عن الجيش! ولو جمعنا الأعداد التي أعلنت عن انشقاقها لما بقي في سوريا جندي واحد إلى جانب النظام!

كل هذا لم يكن مهماً، ولا يستدعي الرد عليه، خاصة وأن مجريات الأحداث قد أثبتت من تلقاء نفسها عكس هذه الإدعاءات. إنما أن تصل درجة استغباء عقول الناس إلى حد يتهم فيه سعد الحريري ومن لف لفه وسار على خطاه من سياسيين ومحللين ، النظام في سورية بالوقوف وراء العمليتين الإرهابيتين اللتين استهدفتا بالأمس مركزي الإستخبارات في دمشق، فهذا لم يعد مقبولاً بأي شكل من الأشكال!

ما سمعناه وقرأناه من تحليلات سخيفة بين الأمس واليوم، يستوجب علينا طرح الكثير من الأسئلة على الرأي العام العربي والعالمي، والسؤال الأول هو هل وصل مستوى حقد الحريري إلى حد الشماتة بالسوريين كما كان واضحاً بالأمس في صفحته على موقع “تويتر”؟ وان يقول بأن ما حدث هو محاولة فاشلة للنظام لصرف النظر عما يجري في سورية؟! أم أن ما يقوله الحريري وأتباعه سببه الرئيسي هو تواطؤهم في هذه المؤامرة التي حاكها أسيادهم؟

ومع معرفتنا المسبقة بحجم المؤامرة التي تكلمنا عنها طويلاً، سنجيب على سؤال طرح منذ اللحظة الأولى للحدث، وهو: ما المانع بأن يكون التفجيرين من صنع النظام السوري؟

فلو أراد هذا النظام أن يثبت نظريته عن الإرهابيين، أكان بحاجة يا أخي لكي يرسل إنتحاريين ويفجران نفسيهما بمركز الإستخبارات الرئيسي ؟! ألم يكن يكفي، لو أراد، أن يقوم بتفجيرات صغيرة هنا وهناك دون أن يستهدف بنيته الرئيسية؟! فكل التفجيرات إرهاب سوى كانت كبيرة أم صغيرة…. ثم لماذا قام بتفجير المركز الرئيسي والمركز الفرعي ؟! ألم يكن يستطيع أن يفجر أحدهما لكي يثبت نظريته؟ وهل كان بحاجة إلى ما يقارب نصف طن من المواد التفجيرية؟

لا يخفى على أحد بأن النظام السوري سعى في بداية الأزمة إلى التخفيف من أهميتها، وربما يكون هذا أكبر خطأ ارتكبه في حق نفسه وشعبه، أو ربما قد يكون ناتجاً عن عدم دراية بحجم المؤامرة الفعلية في البداية، وإن دل هذا على شيء فهو يدل على خلل في بنية الأجهزة الأمنية التي لم تشعر بالمياه وهي تجري أسفل قدميها، ولم تعلم مسبقاً بالمجموعات التي كان يجري إعدادها وتسليحها، هذا عدا عن تهريب الأسلحة عبر الحدود، وهذا ما يستدعي فتح تحقيق جدي لمعالجة مكامن هذا الخلل الأمني. ولكن حتى بعد اتضاح معالم المؤامرة، ثابر النظام في سياسته الإعلامية القائمة على إبراز الهدوء والإستقرار في المدن الرئيسية، وخاصة دمشق، لزرع الطمأنينة في نفوس الشعب السوري. حيث لم يكن من مصلحته أبداً خلق بلبلة شعبية في العاصمة والمدن الرئيسية، بينما جهد الطرف الآخر لإثبات العكس.. فلماذا سيقوم النظام السوري اليوم بهكذا عمل إرهابي؟! ألم يكن بمقدوره القيام بهذه التفجيرات منذ البداية أو منذ أشهر مثلاً، ويتذرع بها لإبادة كل المظاهر المسلحة في البلاد؟! وكم هو مضحك الإدعاء بأن النظام استغل وصول بعثة المراقبين كي يبرهن نظريته! وكأنه لا يستطيع أن يبرهنها سوى باستهداف أحد أهم أعمدته؟! والأدهى من ذلك هو أن عمليات التفجير والإغتيالات في أي بلد في العالم، كانت تاريخياً ولا زالت من اختصاص جهاز الإستخبارات بالدرجة الأولى، إذاً هل قررت الاستخبارات السورية الإنتحار؟!! والأدهى أن انتحاراً واحداً لم يكن كافياً، بل احتاجت إلى انتحارين في مركزها الرئيسي ومركزها الفرعي كي تثبت نظرية المؤامرة! هذا إن كانت نظرة في الأساس.. وهي ليست كذلك، بل هي مؤامرة واقعية يدفع ثمنها السوريون في كل لحظة تمر دون القضاء عليها.

وللمعلومات فقط فقد دعي بالأمس أنصار النظام السوري إلى التظاهر في دمشق وكافة المناطق كتعبير على تأييدهم له، فهكذا أراد النظام أن يبرهن للعرب بأن غالبية الشعب لا زالت إلى جانبه، ولكن من سيتجرأ بعد هذه العملية الإجرامية على النزول إلى الشوارع تأييداً للنظام السوري؟ وكيف سيبرز الأخير حجم التأييد الشعبي أمام بعثة المراقبين؟! والأهم من ذلك، كيف سيستطيع النظام أن يرد على ما حدث في ظل تواجد المراقبين، وبعد الاتفاق مع روسيا بعدم الدخول إلى حمص وغيرها، وتجنب الإلتحام العسكري، حتى تستطيع موسكو تمرير مشروعها في مجلس الأمن؟

خارج عن الواقع من يظن فعلاً بأن أميركا وبعض الأتباع العرب سيأبهون بهكذا تفجيرات، هذا ان لم يكونوا متورطين فيها.. فبعد كل المخططات المفضوحة والمكشوفة ودعمهم علانية للمجموعات المسلحة في سورية، هل سيتوقفون عند ما جرى؟ أم سيروجون للنظرية الحريرية؟

إن اردنا أن نكون واقعيين، علينا فعلاً ان نأخذ بعين الاعتبار بأن هذا الشكل من الأفعال الإجرامية لا يحمل سوى بصمات تكفيرية، وقد جاهرت هذه الجماعات عبر مواقعها الاكترونية ووسائلها الإعلامية بدعوتها إلى “الجهاد” ضد “الكفرة”، وبالقيام بعمليات إنتحارية ضد الأجهزة الأمنية… هذه هي ورقة الرعب الأخيرة التي ستستخدم في وجه النظام الممانع في سورية عوضاً عن الحرب التي يعجز الغرب عن خوضها  … فهل سينتصر الفكر التكفيري أم إرادة الشعب السوري؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *