إزالة الاسد في طريق الحرب على داعش

بقلم:غازي دحمان

تنطوي الحرب على داعش، على جملة من الإجراءات المرافقة، فالحرب لن تكون معلقة في الفضاء، بل ستجري في واقع معلوم، وأهم تلك الاجراءات تجهيز مسرح الحدث ومعرفة حدوده وما ينطوي عليه من صعوبات وفرص النجاح ونقاط القوة والضعف، اي بإختصار جملة الإجراءات العملانية التي تتطلبها الحرب.

ولأنها حرب وليست مجرد غارة أو جولة سريعة، فإن خوضها يرتب على الحلف الذي بدأت نواته بالتشكل، تشكيل دينامية فاعلة، تجمع بين قوى الداخل والخارج، لضمان إنجاز مهمة إجتثاث داعش نهائيا، لذا أدركت واشنطن وحلفاؤها منذ البداية أن هذا الامر لن يكون ممكنا من دون تشكيل بنية داخلية في سورية يكون لها دور أساسي في هذه الحرب، بل أنها تتكفل بالجزئية الأفعل في هذه المهمة وهي ما يسمى في الحروب يمرحلة التطهير النهائي.

لأجل ذلك، يجري الحديث عن إشراك حوالي اربعة ألاف مقاتل سوري جرى تدريبهم مؤخرا في إطار برنامج تدريب القوى المعتدلة الذي أشرفت عليه بعض الدول الإقليمية بمساعدة وخبرات أمريكية، وفعالية هذا المكون تتأتي من كونه يشكل هيكلية عسكرية برؤية وإستراتيجية إحترافية ويسهل ادماجها ضمن فعاليات الحرب الإقليمية على داعش، ويمكن تزويدها بعشرة الاف مقاتل اضافي، حسبما أوضح ديفيد اغناتيوس القريب من دوائر صنع القرار الأمريكي، بالاضافة الى إدخال مقاتلين من أبناء العشائر في مختلف المناطق السورية.

لا شك أن هذه البنية سيمتد نشاطاتها على أفق واسع من الحيز السوري، ذلك أنه لم يعد سرا أن داعش تملك تواجدا في الإمتداد السوري، من الجنوب للوسط والشمال والشرق، وبالتالي فإن نشاط البنية العسكرية التي ستحارب داعش سيكون حاضرا في هذه المناطق، ما يعني أنه سيخترق حكما بنى وتشكيلات قوات الأسد وحلفاءها في جميع هذه الأماكن، الامر الذي سيحتم على الحلف إجراء ترتيبات موازية للتعامل مع هذا الواقع على كافة الصعد.

على ذلك، فالمنطق الطبيعي أن تؤدي الاجراءات العملانية الى عزل ميداني لقوة بشار الاسد ومحاصرة خطوط امداده وتفكيك طرق مواصلاته مع منظومة حلفاءه خاصة باتجاه سورية والعراق، ومن المؤكد أن منظومة اتصالاته سيتم ضربها على مساحة سورية كلها وسيفقد النظام تواصله مع قادته الميدانيين، كما ان راداراته سيتم التشويش عليها بحكم الضرورة وتفادي اي طارئ، من غير المعقول ان تعمل الطائرات الامريكية وهي تحت خطر مراقبة الرادارات، في المقابل يتوقع أن يجري تغذية الثوار بمنظومة اتصال بديلة من البلدان المجاورة لتفادي عملية الإختراق، كما سيعمد الحلف على اقامة خط نار على مساحة واسعة تمتد من الشرق الى حلب وادلب واجزاء كبيرة من حمص وحماة، وربما هذا الامر ستجري ترجمته عبر فرض خط منع طيران في المنطقتين الشمالية والجنوبية.

هذه الترتيبات سيكون لها مقابل سياسي، وهو ما أكدته التصريحات الغربية بوضوح والتي تعتبر أن سورية لا يوجد بها حكومة شرعية وأن النظام لا يملك شرعية سياسية تعطيه حق السماح والرفض لأي إجراءات ينوي الحلف القيام بها على الاراضي السورية، ولعلّ ذلك ما يجعل المواجهة بين الحلف وقوات الأسد حتمية باعتبارها ميليشيا ضمن منظومة الارهاب في المنطقة، ليس مهما اسمها ولكنها تشتغل بذات الية التفكير والطرائق، تنتج فوضى دائمة. وتشكل عاملا اساسيا للاستقطاب، ذلك ان داعش لها معادل موضوعي في المنطقة تتمثل بكل الكتائب التي صنعتها ايران في حربها المذهبية، ومن ضمنها ما يسمى الجيش السوري وجيش الدفاع الوطني فضلا عن نظيراتها العراقيات واللبنانييات، وتدرك اميركا انه ما لم يتم تفكيك هذه المنظومة فانها تعرض المكون السني من بغداد حتى بيروت للخطر ، كما ان مشكلة داعش سيعاد إنتاجها دائما.

يبدو أن اصداء هذه الإجراءات وصلت الى طهران، بوصفها المشغل لمنظومة الاسد وتوابعه لذا فمن المتوقع مباشرتها الجلوس على طاولة رسم الإستراتيجيات لرسم استراتيجية تستطيع من خلالها، إن لم يكن المواجهة، فالتقليل من الخسائر ما أمكن، وخاصة وأن التحالف الذي تؤسسه اميركا للحرب على داعش لا يعتزم ضم طهران ضمن جهوده، كما ان نظام دمشق بدأ يتلمس المخاطر التي قد تنتج عن هذه الحرب والتي قد تكون على شكل تداعيات تصل اليه، وخاصة وأن حليفه الروسي محيّد أيضا من هذه الحرب، ولا يحتاج له المجتمع الدولي من أجل اتصدار قرار من مجلس الامن لمباشرة هذه الحرب،
الأكيد ان الحرب على داعش، بالامكانات العسكرية والدعم السياسي لها، ستكون مقدمة لإحداث تغييرات كبيرة في المنطقة، ونظام الاسد يقع على خط تلك التغييرات، ضرورات المعركة ومساراتها ستسقطه بطريق الازالة، او ما يسمى بالعامية السورية بـ “القص”.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *