بقلم :عبدو قطريب
المعلم قال : زايدوا عليكم بالديموقراطية فمارستوها بأرقى صورها ” , هذه العبارة توحي بأن الحكم في سوريا الأسد يمثل أرقى أشكال الديموقراطية , والأسد هو من أرقى الديموقراطيين , فمن المنطقي عند ئذ أن لايجد الأسد أي سبب للثورة , ولكنه يتحدث عن “ثورة” عندما يخاطب الشعب قائلا ” ايها الشعب الثائر ” , فكيف تستقيم كل هذه التناقضات مع بعضها البعض ؟ , ولم يكتف بشار الأسد بهذاا القدر من الهذيان , اذ ادعى على أن الغرب هو الذي حاول منع الشعب من قول كلمته وذلك لأن الغرب مغرم بتأسيس سجون للرأي الآخر , فهل يقدم عاقل على ادعاء من هذا النوع ؟, فمن يمنع الانسان السوري من قول كلمته ليس الغرب , انما بشار الأسد ورجال أمنه وشبيحته , أليست تغريدة معارضة في الفيس بوك سببا للحكم على “مجرم” الرأي الآخر بالسجن حتى ١٥ عاما ..
ينتظر المواطن من رئيس جمهورية الالمام ببعض المعارف الضرورية لفهم الواقع بشكل أفضل , فبشار الأسد يتحدث عن “شرعية الدولة” قاصدا شرعية السلطة أو الحكومة , فشرعية أي دولة (مجازا) هي من شرعية النظام السياسي القائم بها والتلازم بين الشرعييتين لاينظر اليه على أنه تلازم تكويني , فالدولة يمكن لها أن تتمع “بالشرعية ” بدون تمتع النظام السياسي بالشرعية ذاتها , وهذا كان حال الدول الأوروبية في القرنين السابع عشر والثامن عشر ,الدول تأسست شرعيا بناء على موجودات شعبية وجغرافية , أما نظمها السياسية فلم تكن شرعية الا بعد وقت طويل نسبيا وبعد صراعات كثيرة قادت الى الشرعية الحديثة للنظم عن طريق التزام هذه النظم بالديموقراطية فالدولة الألمانية شرعية وكذلك الايطالية , أما النازية في ألمانيا والفاشية في ايطاليا فليست شرعية , الدولة السورية شرعية لأنها تعبير عن ارادة أمة ومجتمع , أما الأسدية فليس لها مع الشرعية أي قواسم مشتركة , انها كحال النازية والفاشية نوع من الاستعمار الداخلي .
قد تكون شرعية الدولة ناقصة تاريخيا واجتماعيا , حيث لم يستكمل كيانها شرعيته بالمعنى الدقيق لمفهوم شرعية الدولة , وهذا الأمر لايغير من شرعية النظام اذا كان النظام شرعيا بالمعنى الديموقراطي للكلمة ,فالنظام السياسي في جينيف في أيام جان جاك روسو لم يعان من نقص أو فقر في شرعيته , الا أن الدولة كانت ناقصة الشرعية , ولم تتوفر لها الشرعية الا بعد أن اتحدت مقاطعاتها الثلاثة لتكون الدولة السويسرية الشرعية , والحال السوري لايختلف كثيرا عن الحال السويسري والحال السوري يحتاج الى حسم مع التاريخ لكي تصبح الدولة شرعية , وهذا الحسم يتعلق أساسا مع سايكس بيكو , من لايعترف به كاساس ومرجعية شرعية ينتقص من شرعية الدول التي تأسست بموجبه , ومن يعترف بمرجعيته الشرعية يهب الدول التي تأسست عن طريقه شرعية الدولة , الأمر ليس بتلك البساطة التي يوحي بها الأسد في خطبه وفي لخبطته بين المفاهيم والقيم والقواعد .
المهم عمليا ليست شرعية الدولة , وانما شرعية السلطة أو النظام , ذلك لأنه لايمكن زرع شرعية الدولة في السلطة الغير شرعية , أما العكس فهو صحيح نسبيا , حيث يمكن لسلطة شرعية تحويل الدولة الى دولة شرعية وذلك عن طريق خلق الاستقرار والاشباع الكياني والاشباع الاجتماعي لدى المجتمع الذي قامت بهه الدولة و ثم تعزيز الشعور بالوطنية وممارسة المواطنية الغير مفتوحة على أفق تتعدى الحدود الجغرافية والسكانية الحالية , نريد للدولة السورية أن تكون شرعية , وفي نفس الوقت نطعن بمبدأ شرعية الدولة , عندما نعتبر على أن أفق هذه الدولة ناقص جغرافيا وبشريا , لذا فان الاعتقاد بدولة عربية من الحيط الى الخليج هو اعتقاد لاغي لشرعية دول المنطقة , ومنهم الدولة السورية .
يشدد بشار الأسد على أهمية ماسماه “الانتخابات ” وقبل ذلك على الاستفتاء , ويمتدح الشعب الواحد الصامد المتقاتل حتى العظم , يتملق لشعب قتل منه ربع مليون وخرب من بيوته ٤ مليون بيت وجوع نصفه ثم شرد نصفه مابين لاجئ ونازح , ويقول على أن هذا الشعب يحب الدولة , وقوله صحيح تماما , الشعب السوري يحب الدولة السورية , الا أن حبه للدولة السورية لايعني حبه لمن ابتلع هذه الدولة وحولها الى مزرعة , كما انه يوجد فرق شاسع بين الدولة والسلطة , فرفض السلطة لايعني رفض الدولة , و الانتخاب “الشكلي” يعززمن لاشرعية السلطة , وينتقص من شرعية الدولة , لذا فان احجام المواطن عن ممارسة الاشكاليات بما يخص الانتخابات الشكلية هو جزء من ممارسة المواطنية الصحيحة , فالمواطنية الصحيحة هي تلك الممارسة التي تساهم ايجابيا في شرعنة السلطة وشرعنة الدولة , والمشاركة في عملية تزوير بدائية ليست من مصلحة الدولة , لأن مصلحة الدولة ليست في خلق سلطة لاشرعية , والشعب السوري لم يندفع الى الانتخاب كما أدعى الأسد , والعملية بأجملها كانت تزويرة قبيحة , وعلى المستوى الشخصي أقول بثقة كاملة على اني لا أعرف من أدلى بصوته فقط , ومن الشخاص الذين قابلتهم لم يدل أيا منهم بصوته فقط , وانما بأصوات الأموات والنسبة كما حسبتها كانت حوالي ١\٩ , أي أن كل ناخب ادلى بعشرة أصوات , صوته وأصوات تسعة غيره , وهل هذا هو الانتماء الحقيقي للوطن الذي يتجاوز الهوية أو جواز السفر , كما قال بشار الاسد !!